أباح الإسلام كسب المال، وحث على السعى للرزق، وحد لذلك شروطا: منها أن يكون هذا من حلال، وأن يؤدى ما عليه من زكاة.
يقول فضيلة الشيخ ” أحمدالشرباصي” -رحمه الله تعالى-:
لا شكَّ أن الإسلام يَحرض على السعْي والعمل والكسب والإنتاج والتملك، ولكنه يُطالب بأن يتمَّ كل هذا بطريق سليم قويم، وبأسلوب نظيف شريف، ولغرضٍ كريم نبيل، ولذلك وضع للتَّمَلُّكِ شروطًا وقيودًا، فهذا التملك في نظر الإسلام يأتي ـ غالبًا ـ من جهة العمل، وإن كانت هناك طرق التملك الأخرى؛ وهي الوصية والهبة والإرث، فهي قليلة الوقوع.
ولا بد في هذا التملك أن تكون وسيلة العمل والكسب مشروعة، ولذلك حرَّم الإسلام الغِشَّ والغصْب والسرقة والربا والقمار والاحتكار، وفُحْشَ الربح، وسوء الاستغلال، كما اشترط الإسلام أن يكون الشيء المملوك حلالاً؛ لأن النبي يقول: “طلبُ الحلالِ فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ”. ولذلك يُحرِّم الإسلام امتلاك الخمر والمخدر والخنزير والأصنام ونحوها.
وإذا امتلك الإنسان مالاً وجبَ عليه أن يُنفق منه على نفسه وأهله ومَن تلزمه نَفَقَتُهُمْ، بلا تَقْتِير وبلا إسراف، ووجب عليه أن يؤدي حقَّ الله فيه، وهو الزكاة المفروضة، ويحسن به أن يتطوَّع ويتبرَّع ويتصدق فوق الزكاة، وأن يُؤدي حق الأمة في ماله، وهو ما تقتضيه المصلحة العامة، أو الضرورات العارضة، من أنْصِبَةٍ تُؤخذ من أموال القادرين لتُنفق على هذه المصالح العامة. ومن الواجب على الإنسان أيضًا ألاَّ يستخدم ماله في الإضرار بالغير، وإلا كان لوليِّ الأمر الشرعي أن يضرب يده، ويمنعه من استخدام ماله في السوء.
وبالْتِزَامِ الإنسان لهذه الشروط في المال وتملُّكه، لا يجوز ملكًا منحرفًا أو متعسفًا، بل يسعى على طريق الحق والحلال والاعتدال.
إن الباحثين من العلماء يقولون بتحديد ربْح المُحتكرين عندما يتأكَّد تَحكُّمُهم في فرْض الأسعار كما يُريدون، مع إضرار ذلك بالناس، وتحديد تملك الإنسان للمال كتحديد رِبْحه في المال، فإذا جاز هذا جاز ذاك، ويؤيده أن ملك الإنسان لقدر معين من الأرض مباح، فإذا رأى الإمام وأهل الحَلِّ والعَقْدِ في الأمة أنه لا يصحُّ تَمَلُّكُ أكثر من ذلك كان من الواجب إطاعته؛ لأن ذلك من باب السياسة الشرعية.
ومن هذا نفهم أن الإسلام يُجيز تحديد الملكية إذا اقتضتْه الضرورة ومصلحة الجماعة، ويُقَدَّرُ ذلك بقَدْرِ الضرورة.