يقول الشيخ خالد بن سعود الرشود- القاضي في ديوان المظالم بالسعودية- :

فيجب نسبة القول إلى قائله لثلاثة أوجه:

1-أن في ذلك تبرئة لذمة الناقل من تبعات ذلك القول، ومن هنا وجد علم الإسناد، ليسلم الناقل والمنقول من تبعات النقل، فإن كان صحيحا سلم الناقل، وإن كان سقيما سلم المنقول عنه، ولهذا قيل :من أسند لك فقد حملك،أي حملك الأمانة في التحقق من صحة السند لبيان صحة القول ونسبته، روى الغزالي أن الإمام أحمد سئل عمن سقطت منه ورقة كتب فيها أحاديث أو نحوها‏،‏ أيجوز لمن وجدها أن يكتب منها ثم يردّها؟ فقال‏:‏ لا‏،‏ بل يستأذن ثم يكتب‏.

2- أن هذا من الأمانة التي يجب ردها إلى أصحابها،وقد قال تعالى :” إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ” [النساء:58] وفي نسبة القول إلى نفسه خيانة للأمانة. قال سبحانه :” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ” [الأنفال:27] ونسبة القول إلى نفسه خيانة لتلك الأمانة، وكذب في نفس الوقت، فإن كان القول صوابا فهو لم يقله، وإن كان خطأ تحمل تبعته لنسبته القول إلى نفسه من غير تحقق .

3- أن الذي ينسب محاسن أقوال الناس إلى نفسه كالمتشبع بما لم يعط،وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه :”المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور” ذكر ابن عبد البر في جامع التحصيل (ج 1 ص  98) عند شرح هذا الحديث : وقال حماد: ولا أعلم المدلس إلا متشبعا بما لم يعط، وقال جرير بن حازم: أدنى ما يكون فيه أنه يري الناس أنه سمع،ولم يسمع وقال عبد الله بن المبارك لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أدلس.اهـ

قال ابن منظور في بيان معنى قوله:”الـمتشبّعَ بما لـم يُعْطَ”هو الذي يقول أُعْطِيتُ كذا لشيءٍ لـم يُعْطَ، فإماَ أَنه يَتَّصِفُ بصِفاتٍ لـيست فـيه، يريدُ أَنَّ اللَّه تعالـى مَنَـحه إِيّاها، أَو يُريد أَنَّ بعض الناسِ وصَلَهُ بشيءٍ خَصَّه به، فـيكون بهذا القول قد جمع بـين كذبـين أَحدهما اتّصافُه بما لـيس فـيه، أَو أَخْذُه ما لـم يأْخُذْه، والآخَر الكَذِبُ علـى الـمُعْطِي، وهو اللَّهُ، أَو الناسُ .(لسان العرب ج 1 ص 247).

ومما سبق يعلم حرمة هذا العمل، وإثم صاحبه إذا فعل ذلك.أهـ