يقول الله سبحانه (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) (سورة الرعد: 11) . ويقول (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبلِ الوريد . إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد . ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) (سورة ق : 16 ـ 18) ويقول النبي ﷺ “يتعاقبون فيكم ملائكةُ بالليل وملائكة بالنهار.
إن ملائكة الله من عالم الغيب، لا يعلم عددهم إلا الله، ولهم أعمال كلفهم الله بها (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) (سورة التحريم: 6) وتفاصيل أحوالهم وأعمالهم لا تقبل إلا عن طريق صحيح، والاعتقاد لا يقوم إلا على الدليل القاطع في ثبوته ودلالته.
وقد أخبرت الآية أن لله ملائكة مكلفين بحفظ غيرهم من البشر، مع اختلاف المفسرين فيمن يحفظه المعقبات: هل هو محمد ـ ﷺ ـ لتقدم ذكره في آية سابقة “إنما أنت منذر ولكل قوم هاد” أو كل الرسل كما يدل عليه “ولكل قوم هاد” أو الناس عامة تحفظهم من الوحوش والهوام لطفًا من الله، حتى إذا جاء القدر خلوا بينه وبينهم، كما قاله ابن عباس وعلي رضي الله عنهما، وقيل الحفظ هو كتابة الأقوال والأفعال، ونقل القرطبي عن الثعلبي كلاما أن الملائكة الموكلة بكل عبد يبلغون عشرين ومعهم إبليس وولده، وليس لهذا الكلام دليل يعتمد عليه في العقائد “ج9 ص 292 ـ 294”.
وذكر في سورة (ق) رقيبا وعتيدا، وهما الموكلان بكتابة الأعمال، اثنان بالنهار واثنان بالليل وأن لكاتب الحسنات سلطانا على كاتب السيئات، يأمره بعدم الإسراع في الكتابة لعل الإنسان يستغفر في ظرف سبع ساعات، فالأولى أن نكل العلم إلى الله فيما تقوم به الملائكة ما دام لم ينص عليه في القرآن والسنة الصحيحة.