صلاة الاستخارة دعاء عظيم أرشد إليه النَّبِيُّ ﷺ في مقام طلب الخيرة في الأمر الذي يَقدم عليه المسلمُ، وهو متردد في مآله هل هو إلى خير أو إلى شر، وهل هو إلى نفع أو إلى ضر، ودعاء الاستخارة عِوضٌ لأمَّة الإسلام عما كان عليه أهل الجاهلية من زَجْر الطير والاستقسام بالأزلام إذا بدت للواحد منهم حاجة من نكاح أو سفر أو بيع أو نحو ذلك، وكان أهل الجاهلية يطلبون بذلك علم ما قُسم لهم في الغيب، وهذا ضلالٌ وسَفَهٌ، وأما أمة الإسلام فقد هداهم الله تعالى إلى مَراشد الأمور ومفاتيح الخير وسُبل السعادة في الدنيا والآخرة، فما هي علاقة الاستخارة بالرؤية؟
كيف أصلي صلاة الاستخارة؟
اتفق العلماء على أن أداء صلاة الاستخارة سنة لكل واحد لديه شأن أو أمر يهمه ولا يستطيع أن يحدد وجه الصواب فيه ليختار المناسب لحالته.
- من هم بأمر وكان لا يدري عاقبته ولا يعرف أن الخير في تركه أو في الإقدام عليه فقد أمره رسول الله ﷺ بأن يصلي ركعتين:
- يقرأ في الركعة الأولى فاتحة الكتاب وسورة الكافرون {قل يا أيها الكافرون}، وفي الثانية الفاتحة والإخلاص {قل هو الله أحد }.
- وإذا دعا من بعد أداء صلاة نافلة راتبة أو غيرها، فإن نوى بها الاستخارة حصل فضل سنة صلاة الاستخارة، وإن لم ينوها سقط عنه أصل الطلب، وفي حصول الثواب خلاف وذلك لأن القصد هنا حصول ذلك الذكر عقب صلاة لتعود بركتها عليه، والأكمل أن يؤدي الركعتين خاصة بالاستخارة من غير الصلاة المفروضة. [الفتوحات الربانية].
- أن يدعو بدعاء الاستخارة هو: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري وعاجله وآجله، فاقدره لي وبارك لي فيه ثم يسره لي، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري وعاجله وآجله، فاصرفني عنه واصرفه عني واقدر لي الخير أينما كان إنك على كل شيء قدير.
- إذا تعذرت صلاة الاستخارة، استخار بالدعاء. ويستحب افتتاحه بالحمد لله والصلاة على النبي ﷺ. وإذا استخار فعل ما ينشرح له صدره، ولا يعتمد على انشراح كان له قبل الاستخارة، بل ينبغي له ترك اختياره رأساً وإلا فلا يكون مستخيراً لله.
ما هي علاقة الاستخارة بالرؤية؟
لا علاقة لصلاة الاستخارة برؤية المنامات. بل هي مجرد صلاة ثم دعاء مأثور عن رسول الله. وليتابع بعد ذلك العمل على مشروعه الذي استخار الله له. فإن كان خيراً يسّر الله له بلوغه، وإن لم يكن خيراً صرفه الله عنه.
ذلك أنه ليس في هذا الدعاء ذكر أن يرى المستخير رؤيا أو يسمع صوتا من هاتف أو يلقى في روعه شيء، بل ربما لا يجد المستخير في نفسه انشراحا بعد تكرار الاستخارة.
يقول الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي: لا علاقة لصلاة الاستخارة برؤية المنامات. بل هي مجرد صلاة ثم دعاء مأثور عن رسول الله. وليتابع بعد ذلك العمل على مشروعه الذي استخار الله له. فإن كان خيراً يسّر الله له بلوغه، وإن لم يكن خيراً صرفه الله عنه.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :- ينبغي أن يكون المستخير خالي الذهن، غير عازم على أمر معين، فقوله ﷺ في الحديث : “إذا هم” يشير إلى أن الاستخارة تكون عند أول ما يرد على القلب، فيظهر له ببركة الصلاة والدعاء ما هو الخير ، بخلاف ما إذا تمكن الأمر عنده، وقويت فيه عزيمته وإرادته، فإنه يصير إليه ميل وحب، فيخشى أن يخفى عنه الرشاد؛ لغلبة ميله إلى ما عزم عليه. ويحتمل أن يكون المراد بالهم العزيمة؛ لأن الخاطر لا يثبت فلا يستمر إلا على ما يقصد التصميم على فعله من غير ميل. وإلا لو استخار في كل خاطر لاستخار فيما لا يعبأ به، فتضيع عليه أوقاته . ووقع في حديث أبي سعيد { إذا أراد أحدكم أمرا فليقل }.
وذكر الشيخ مشهور حسن آل سلمان: الرؤيا لا يثبت بها حكم شرعي وإنما يستأنس بها، ولا يوجد صلة بين صلاة الاستخارة وبين الرؤيا، فلا يشترط لكل من استخار أن يرى رؤيا، لكن من استخار ثم نام فرأى ما يسر فهذه علامة خير، وعلامة انشراح صدر، ولكن لا تلازم بين الاستخارة وبين المنام.
أما الخرافة القائمة في أذهان الناس أن المستخير ما لم ير، فلا تصح استخارته، فهذا ما أنزل الله به من سلطان، بل يترجح عندي أنه لا يشرع تكرار الاستخارة في الأمر الواحد، فلا يستخار على الشيء الواحد أكثر من مرة. والدعاء في صلاة الاستخارة، يكون بعد السلام على الراجح..
وجاء في كتاب “الدين الخالص“: .. ومن الاستخارة غير المشروعة يستخير الاستخارة الشرعية ويتوقف بعدها حتى يرى مناماً يفهم منه فعل ما استخار فيه أو تركه أو براه غيره له. وهذا ليس بشيء، لأن صاحب العصمة ﷺ قد أمر بالاستخارة والاستشارة، لا بما يرى في المنام. ولا يضيف إلى الاستخارة الشرعية غيرها، لأن ذلك بدعة ويخشى من أن البدعة إذا دخلت في شيء، لا ينجح أو لا يتم، لأن صاحب الشرع ﷺ إنما أمر بالاستخارة والاستشارة فقط
متى لا تقبل صلاة الاستخارة؟
يسن أداء صلاة الاستخارة في الأمر يرى الإنسان فيه مصلحة، لأن في الحديث: {إذا هم أحدكم بالأمر ….}، لأن الإنسان لا يهم بالأمر إلا إن رأى أن له فيه مصلحة، وتكون الاستخارة في الأمور الدنيوية المباحة، لا في الأمور الشرعية، كأن يستخير أن يصوم أم لا، أو أن يصل رحمه أم لا، ولا تكون في الحرام..
ويشترط أن تكون الاستخارة في الأمور التي يكون قادراً عليها، فلا يستخير على الزواج من إنسانة معينة، وهو ليس عنده مقدرة على الزواج، فيستخير الإنسان بعد أن يكاد يفعل، وكل المقدمات تأذن له بالفعل، فيستخير ويمضي بالفعل ولا يتردد، فإن يسر له الأمر فهذا من بركة الاستخارة، وإن لم ييسر له الأمر، وصرف عنه فهذا من بركة الاستخارة.
يتلخص من هذا القول أن الاستخارة لا تجوز شرعا في بعض الأحوال منها:
- الاستخارة في الأمور المشروعة أي المفروضة مثل: أن يستخير الشخص في العبادات المفروضة والإحسان إلى الوالدين وغير ذلك.
- الاستخارة في الأمور المحرمة مثل أن يستخير على السفر يقصد فيه معصية ومخالفة أوامر الشرع. والدليل على ما تقدم أن الاستخارة تجمع بين الصلاة والدعاء ومن شروط الدعاء وآدابه حتى يتحقق رجاء قبوله كما في الحديث: “ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم”.
- الاستخارة على أمور يندر وقوعها لأمثاله في العادة: مثل أن يستخير الله على الزواج من امرأة معينىة مخيلة في ذهنه، أو من امرأة ليس عنده مقدرة على نفقتها ومتاعها، لأن ذلك من الاعتداء في الدعاء.
- إذا سبق له اختيار في أمر فلا يستخير: لأن الاستخارة صلاة ودعاء على أمر لا يعرف وجه النفع أو الضر منه، فيرفع أمره فيه إلى الله تعالى يطلب خيرته، لذلك لا يجوز له أن يعتمد على انشراح كان له قبل الاستخارة، بل ينبغي له ترك اختياره رأساً وإلا فلا يكون مستخيراً لله بل يكون مستخيراً لهواه.
- الاستخارة غير الشرعية او الاستخارة المبتدعة: أن يعتمد طرقا وأدعية وصلوات مبتدعة في الاستخارة، لأن هذه الطرق لو كان فيها خير كان أرشدنا إليها النبي ﷺ مثل: استخارة النوم واستخارة السبحة استخارة الرمل وغيرها.