الإسرائيليات منسوبة إلى بني إسرائيل، وهم اليهود . وكانت لهم مكائدهم وطُرُقُهم فِي مُعارضة الإسْلام، ولبس بعضهم مُسوح المسلمين ومارسوا نشاطهم الكيدي كعبد الله بن سبأ. وانخدع بهم بعض المسلمين فساروا في هذا الطريق، ومنهم أبو عصمة نوح ابن مريم الذي وضع أحاديث في فضل سور القرآن لا أصل لها بالمرَّة، وبرَّر عمله هذا بأنه رأى الناس أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن إسحاق، فوضع الأحاديث حِسْبة لترغيب الناس في القرآن .
واقترح مجمع البحوث الإسلامية في يناير 1968 م تقديم بحوث تُسهم في إحياء ذِكْرى مرور أربعة عشر قرنًا على القرآن، فوضع المرحوم الشيخ محمد الذهبي كتابًا عن الإسرائيليات في التفسير والحديث . وذكر حكم روايتها وأشهر رواتها، وذكر أن لليهود ضِلعًا كبيرًا فيها ؛ لأنهم حرَّفوا التوراة وحاولوا أن يحرِّفوا القرآن في لفظه أو معناه، وأن العرب تأثروا بثقافة أهل الكتاب، ودخلت الإسرائيليات إلى التفسير والحديث عندما بُدئ تدوينهما، فمُلئت الكتب بالغرائب والأكاذيب .
وقد حذَّرنا الرسول ـ ﷺ ـ من الاعتماد على أكاذيبهم، ففي البخاري حديث ” لا تُصدِّقوا أهل الكتاب ولا تُكذِّبوهم ” وأخرج أحمد وغيره أن عمر ـ رضي الله عنه ـ أتى الرسول ـ ﷺ ـ بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فغضب الرسول وقال ” أمتهوِّكون ـ شاكُّون متحيِّرون ـ فيها يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتُكذبوا به، أو بباطل فتُصدِّقوه، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيًّا ما وسعه إلا أن يتَّبِعَني”.
ورَوى البخاري نَهْيَ ابن عباس عن سؤال أهل الكتاب فالقرآن فيه الكفاية، ولا يجوز أخذ شيء عنهم إلا ما كان موافقًا للدِّين، كما تدلُّ عليه النصوص بالأخذ عنهم مثل، ( فاسْأَلِ الذِين يَقْرَءُونَ الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ ) ( سورة يونس : 94 )، ومثل ” حَدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حَرَجَ، ومن كَذَبَ عَلَيَّ مُتعمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّار ” رواه البخاري .
والوصية قوية بالحذر عند الرواية عن كعب الأحبار، ووهب بن منبه، ومحمد بن السائب الكلْبي، ومقاتل بن سليمان وغيرهم، وكذلك الكتب التي تنْقُل الإسرائيليات ولا تبيِّن صِدْقَها أو كَذِبَها، كتفْسير الثَّعْلبي، وكتابه ” العرائس ” وتفسير الخازن .