من يقول بعقيدة الإتحاد والحلول يجب استتابته ، وإلا كان كافرا .
يقول الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر السابق – رحمه الله – :
فإن علماء العقيدة والشريعة في الإسلام قد اتَّفقوا على أن مَن قال بحُلول الله في البشر واتِّحاده به، وأن البَشر بهذا يكون إلهًا ـ مَن قال هذا ـ كان كافرًا.
إذْ قد عُلم ـ ضرورةً ـ مِن دِين الإسلام أنه: لا إله إلا الله، وأن اللهَ خالقُ كلِّ شيءٍ، وكلُّ ما سواه مَخلوق، ذلك قول الله ـ سبحانه ـ في سورة مريم: (.. إنْ كُلُّ مَن فِي السمواتِ والأرضِ إلَّا آتِي الرَّحمنِ عَبْدًا..). (الآية رقم: 93).
-وقول الله ـ سبحانه ـ في سورة النساء: (يا أهلَ الكتابِ لا تَغْلُوا في دِينِكُمْ ولا تَقُولُوا على اللهِ إلَّا الحقَّ إنَّمَا المَسيحُ عيسَى ابنُ مريمَ رسولُ اللهِ وكلمتُهُ ألْقَاهَا إلى مريمَ ورُوحٌ منهُ فآمِنوا باللهِ ورُسلِهِ ولا تَقولوا ثلاثةٌ انْتَهُوا خيرًا لكمْ إنَّما اللهُ إلهٌ واحدٌ سُبْحَانَهُ أنْ يكونُ لهُ وَلَدٌ لهُ مَا في السمواتِ وما في الأرضِ وكفَى باللهِ وَكِيلًا . لنْ يَسْتَنْكِفَ المَسِيحُ أنْ يَكونَ عبدًا للهِ ولا المَلائكةُ المُقَرَّبُونَ ومَن يَسْتنكفْ عن عبادتِهِ ويَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إليهِ جَمِيعًا. فأَمَّا الذينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصالِحاتِ فيُوفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ ويَزِيدُهمْ مِن فَضْلِهِ وأمَّا الذينَ اسْتَنْكَفُوا واسْتَكْبَرُوا فيُعذِّبُهُمْ عذابًا أَلِيمًا ولا يَجِدُونَ مِن دُونِ اللهِ وَلِيًّا ولا نَصِيرًا). (الآيات رقم: 171-172)
–وفي سورة المائدة :(لقدْ كَفَرَ الذينَ قالوا إنَّ اللهَ هوَ المَسيحُ ابنُ مريمَ قُلْ فَمَنْ يَملكُ مِنَ اللهِ شيئًا إنْ أرادَ أنْ يُهلكَ المَسيحَ ابنَ مريمَ وأُمَّهُ ومَن في الأرضِ جميعًا وللهِ مُلكُ السمواتِ والأرضِ ومَا بيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشاءُ واللهُ على كلِّ شيءٍ قديرٌ. وقالتِ اليَهودُ والنصارى نحنُ أبناءُ اللهِ وأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعذِّبُكُمْ بذُنُوبِكمْ بلْ أنتمْ بَشَرٌ مِمَّن خَلَقَ يَغفرُ لمَن يَشاء ويُعذِّبُ مَن يَشاءُ وللهِ مُلكُ السمواتِ والأرضِ ومَا بيْنَهُمَا وإليهِ المَصير. يا أهلَ الكتابِ قدْ جاءَكمْ رَسُولنَا يُبَيِّنُ لكمْ علَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أنْ تَقُولوا مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ ولا نَذِيرٍ فقدْ جاءَكمْ بَشِيرٌ ونَذِيرٌ واللهُ علَى كلِّ شيءٍ قديرٌ). (الآيات رقم: 17ـ19).
عقيدة الحلول والاتحاد:
القول بالحُلول والاتِّحاد قال به من قبلُ: زنادقة النصارى؛ إذ قالوا: إنَّ الله قد حلَّ في المسيح، وقال به: بعض الغُلاة في عليّ بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وطائفةٍ مِن أهل بيته.
وقد تَصوَّرا أن الله إذا أراد أمرًا دخل في جسم الإنسان، فأصدر أمره أو نهْيَه بلسان هذا الإنسان، وذلك كُفْرٌ صريح وخروج عن مِلَّةِ الإسلام.
لكن الثابت أن الله ـ سبحانه ـ يُرسل الرسل، فيوحي إليهم ما يشاء إبلاغه إلى الناس، وقد اتَّفقَ سلف الأمة، وخلَفها على أن الله ـ تعالى ـ مُنَزَّهٌ عن مُشابهة الحوادث فليس ـ تعالى ـ بجسمٍ، ولا شبَح، ولا صُورة، ولا لحْم، ولا دمٍ، ولا عظْمٍ (ليْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ). (من الآية رقم: 11 من سورة الشورى).
كما اتَّفق سلف الأمة، وخلَفُها على أن رسول الله ـ ﷺ ـ بَشَرٌ خُلِق مِن ماء دافقٍ؛ قال ـ تعالى ـ:
(قُلْ إنَّمَا أنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ). (الكهف: 110).
ويقول الإمام البُوصيري، صاحب البُردة:
ومَبْلَغُ القوْلِ فيهِ أنَّهُ بَشَرٌ === وأنَّهُ خَيْرُ خَلْقِ اللهِ كُلِّهِمِ
تحذير النبي من الفهم الخاطئ:
لقد حذَّر الرسول ـ ﷺ ـ وأغْلق كل ما مِن شأنه أن يُؤدي إلى مثل هذا الفَهْم الخاطىء، فحين قال رجلٌ للنبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ: “ما شاء الله وشئتَ، فقال له النبي ـ ﷺ ـ: “أجَعَلْتَنِي واللهَ عِدْلًا، بلْ ما شاء الله وحْدَه”. (رواه الإمام أحمد عن ابن عباس).
وحين سمِع ـ ﷺ ـ خطيبًا يقول: مَن يُطع الله ورسوله فقد رشَد، ومَن يَعْصِهِمَا فقد غَوَى، فقال رسول الله ـ ﷺ ـ: بئْسَ الخطيبُ أنت، قل:”ومَن يَعْصِ اللهَ ورَسُولَه فقدْ غَوَى”. (رواه الإمام مسلم).
وحين عُرج بالرسول ـ ﷺ ـ اكتَنفه النور عن يَمينه، وشماله، وتلقاءَ وجْهه فما شاهد ربَّه، يدلُّ لهذا حديثُ أبي ذرٍّ قال: سألت رسول الله ـ ﷺ ـ:”هل رأيتَ ربَّكَ قال: نُورٌ أنَّى أرَاهُ”. (رواه الإمام مسلم).