لا شك أن ما يشعر به المعتكف يمثل السقف الأعلى للذة الإيمان، وطبيعي أن ينقص هذا السقف بنقصان العبادة وبقدر التصاق النفس بشهوات الدنيا حتى لو كانت مباحة فكيف لو كانت فيما وراء المباح.
قد يكون من العسير السعي وراء تثبيت هذا المعدل الإيماني الضخم في كل الأوقات؛ فعن حنظلة بن الربيع الأسيدي قال : لقيني أبو بكر فقال : كيف أنت يا حنظلة ؟ قلت : نافق حنظلة قال : سبحان الله ما تقول ؟ قلت : نكون عند رسول الله ﷺ يذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عند رسول الله -ﷺ- عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا، قال أبو بكر : فو الله إنا لنلقى مثل هذا فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله ﷺ فقلت : نافق حنظلة يا رسول الله، قال رسول الله -ﷺ- : “وما ذاك؟ ” قلت : يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا، فقال رسول الله -ﷺ- : “والذي نفسي بيده، لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة” ثلاث مرات.
إذن فالصواب هو أن يبحث المسلم عن موجبات بقاء الإيمان حيا في القلب، وأن يعرف بماذا يزيد، وقد عرف المسلم وبان له أنه كلما اقترب الإنسان من ربه، ومن المسجد، وارتبط بالطاعة، والتقى بالصالحين الذين يشتركون معه في نفس الهدف، وقطع صلته بمن يقطعون عليه طريق الآخرة… هذه هي موجبات صفاء القلب وحلاوة الإيمان، وهذا هو ما فعله أيام الاعتكاف.
فاحرص أيها المسلم على أن ترتبط بصحبة صالحة، تذكرك إذا نسيت، وتعينك إذا ذكرت.