اعتراف الإنسان بمشكلته هو أول الطريق لحلها وعلاجها، ومن الميسور حلها إذا تحلى صاحبها بعزيمة الرجال وتخلق بأخلاقهم، وتحصن بحصن الله تعالى من غواية الشيطان.
ويجب أن يتمثل في نفسه بشاعة اللواط ونكارته، والآثار الصحية المدمرة الناتجة من هذه الفاحشة.
بشاعة اللواط وأهله
قال ابن القيم – عن قوم لوط – :
قال جمهور الأمة ، وحكاه غير واحد إجماعاً للصحابة – : ليس في المعاصي مفسدة أعظم من مفسدة اللواط ، وهي تلي مفسدة الكفر ، وربما كانت أعظم من مفسدة القتل – كما سنبينه إن شاء الله تعالى – .
قالوا : ولم يبتل الله تعالى بهذه الكبيرة قبل قوم لوطٍ أحداً من العالمين ، وعاقبهم عقوبة لم يعاقب بها أمَّة غيرهم ، وجمع عليهم أنواعاً من العقوبات : من الإهلاك ، وقلب ديارهم عليهم ، والخسف بهم ، ورجمهم بالحجارة من السماء ، وطمس أعينهم ، وعذَّبهم ، وجعل عذابهم مستمراً ، فنكل بهم نكالاً لم ينكله بأمَّة سواهم ، وذلك لعظم مفسدة هذه الجريمة ، التي تكاد الأرض تميد من جوانبها إذا عُملت عليها ، وتهرب الملائكة إلى أقطار السموات والأرض إذا شهدوها خشية نزول العذاب على أهلها فيصيبهم معهم ، وتعج الأرض إلى ربها تبارك وتعالى ، وتكاد الجبال تزول عن أماكنها .
وقتْل المفعول به خيرٌ له من وطئه ، فإنه إذا وطأه الرجل قتله قتلا لا تُرجي الحياة معه ، بخلاف قتله فإنه مظلوم شهيد ، وربما ينتفع به في آخرته .
وقال :
وأطبق أصحاب رسول الله ﷺ على قتله ، لم يختلف منهم فيه رجلان ، وإنما اختلفت أقوالهم في صفة قتله ، فظنَّ بعض الناس ذلك اختلافاً منهم في قتله ، فحكاها مسألة نزاع بين الصحابة ، وهي بينهم مسألة إجماع .
-ومن تأمل قوله سبحانه: {ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشةً وساء سبيلاً} الإسراء / 32 وقوله في اللواط : {أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين} الأعراف / 80 ، تبين له تفاوت ما بينهما ؛ فانه سبحانه نكَّر الفاحشة في الزنا ، أي : هو فاحشة من الفواحش ، وعرَّفها في اللواط ، وذلك يفيد أنه جامع لمعاني اسم الفاحشة …
-ثم أكد سبحانه شأن فحشها بأنها لم يعملها أحد من العالمين قبلهم فقال : {ما سبقكم بها من أحد من العالمين} ، ثم زاد في التأكيد بأن صرَّح بما تشمئز منه القلوب ، وتنبو عنها الأسماع ، وتنفر منه أشد النفور ، وهو إتيان الرجل رجلا مثله ينكحه كما ينكح الأنثى ، فقال : {أئنكم لتأتون الرجال} ، …
-ثم أكد سبحانه قبح ذلك بأن اللوطية عكسوا فطرة الله التي فطر عليه الرجال ، وقلبوا الطبيعة التي ركَّبها الله في الذكور ، وهي شهوة النساء دون الذكور ، فقلبوا الأمر ، وعكسوا الفطرة والطبيعة فأتوا الرجال شهوة من دون النساء ، ولهذا قلب الله سبحانه عليهم ديارهم فجعل عاليها سافلها ، وكذلك قلبهم ، ونكسوا في العذاب على رؤوسهم .
-ثم أكد سبحانه قبح ذلك بأن حكم عليهم بالإسراف وهو مجاوزة الحد ، فقال : {بل أنتم قوم مسرفون} .
فتأمل هل جاء ذلك – أو قريبٌ منه – في الزنا ، وأكد سبحانه ذلك عليهم بقوله {ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث} ، ثم أكَّد سبحانه عليهم الذم بوصفين في غاية القبح فقال : {إنهم كانوا قوم سوء فاسقين} الأنبياء / 74 ، وسماهم مفسدين في قول نبيهم فقال : {رب انصرني على القوم المفسدين} الأنبياء / 75 ، وسماهم ظالمين في قول الملائكة لإبراهيم عليه السلام : {إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين} العنكبوت / 31 .
فتأمل من عوقب بمثل هذه العقوبات ومن ذمه الله بمثل هذه الذمات .
وقال :
ذهبت اللذات ، وأعقبت الحسرات ، وانقضت الشهوات ، وأورثه الشقوات ، تمتعوا قليلاً ، وعُذبوا طويلاً ، رتعوا مرتعاً وخيماً ، فأعقبهم عذاباً أليماً ، أسكرتهم خمرة تلك الشهوات ، فما استفاقوا منها إلا في ديار المعذَّبين ، وأرقدتهم تلك الغفلة فما استيقظوا منها إلا وهم في منازل الهالكين ، فندموا والله أشد الندامة حين لا ينفع الندم ، وبكوا على ما أسلفوه بدل الدموع بالدم ، فلو رأيت الأعلى والأسفل من هذه الطائفة والنار تخرج من منافذ وجوههم وأبدانهم وهم بين إطباق الجحيم وهم يشربون بدل لذيذ الشراب كؤوس الحميم ، ويقال لهم وهم على وجوههم يسحبون : { ذوقوا ما كنتم تكسبون } ، وقال تعالى: {اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون} الطور / 16 . ” الجواب الكافي ” (ص 240 – 245) مختصراً .
ما هي الأمراض التي يسببها اللواط
يقول الدكتور محمود حجازي في كتابه ” الأمراض الجنسية و التناسلية ” – وهو يشرح بعض المخاطر الصحية الناجمة عن ارتكاب اللواط – :
إن الأمراض التي تنتقل عن طريق الشذوذ الجنسي ( اللواط ) هي :
1. مرض الأيدز ، وهو مرض فقد المناعة المكتسبة الذي يؤدي عادة إلى الموت .
2. التهاب الكبد الفيروسي .
3. مرض الزهري.
4. مرض السيلان .
5. مرض الهربس .
6. التهابات الشرج الجرثومية .
7. مرض التيفوئيد .
8. مرض الأميبيا .
9. الديدان المعوية .
10. ثواليل الشرج .
11. مرض الجرب .
12. مرض قمل العانة .
13. فيروس السايتوميجالك الذي قد يؤدي إلى سرطان الشرج .
14. المرض الحبيبي اللمفاوي التناسلي .أهـ
كيفية علاج من يفعل اللواط
يقول فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد:
العلاج يتلخص فيما يلي :
1- التوبة الصادقة من القلب ، واللجوء إلى الله تعالى ، والندم على ما بدر ، وكثرة الدعاء والإلحاح على الله أن يغفر الذنب ، وأن يعين على التخلص منه ، فإن الله أكرم مسؤول وأقرب مجيب ، وقد قال تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر / 53
2- الحرص على تعاهد بذرة الإيمان في القلب ، فهي حين تنمو تثمر سعادة الدنيا والآخرة.
فالإيمان بالله عز وجل هو العاصم- بعد توفيق الله سبحانه- للعبد من مواقعة الحرام ، أليس النبي ﷺ يقول : ” لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن” رواه البخاري (2475) ومسلم (57)
3- الأخذ بالوصية النبوية لمعشر الشباب ، ألا وهي الوصية بالزواج من كان يستطيع ذلك ، ولا يلتفت إلى عمره فليس صغر السن مانعاً من الزواج، ومادام محتاجاً إلى الزواج فقد قال الرسول ﷺ : ” يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ” رواه البخاري (5065) ومسلم (1400) ، فاحرص على هذه الوصية النبوية ، فإن فيها علاجاً لك بإذن الله .
ولا بأس أن تصارح أباك وأمك بحاجتك ورغبتك في النكاح ، واحذر أن يمنعك الحياء من ذلك .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال : ” ثلاثة حق على الله عونهم : المجاهد في سبيل الله ، والمكاتب الذي يريد الأداء ، والناكح الذي يريد العفاف ” رواه الترمذي (1655) والنسائي (3120) وابن ماجه (2518) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم(1917)
4- إذا لم يتيسر أمر الزواج ، فثمة حلّ آخر وهو الصيام ، ويكون بصيام ثلاثة أيام من كل شهر مثلا ، أو يومي الاثنين والخميس مثلا ؟
وقد أخبر تبارك وتعالى أنه فرض علينا الصيام لتحقيق التقوى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُـمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة / 183 .
إن الصوم يربي في الإنسان قوة الإرادة والصبر والتحمل ، والاستعلاء على رغبات النفس وملذاتها.
5- الحذر من التساهل في النظر إلى المحرمات من خلال النت أو المجلات الهابطة والصور الخليعة ، التي تهيج على ارتكاب الفواحش والموبقات ، وتُبقي في القلب أثراً عميقاً سيئاً والعياذ بالله ، قال تعالى : ( ْقل للمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) النور / 30
والتساهل في هذا المنكر يعطي الشيطان فرصة سانحة ليزين ما وراء ذلك مما لا يخفى.
6- أعلم أن جوارحك هذه ستشهد عليك يوم القيامةبهذه المعصية ، ألا تعلم أن هذه الجوارح وهذه الفتوة والنشاط نعمة من الله عز وجل عليك ؟
فهل من شكر نعمة الله أن تصرفها في المعصية والتمرد على أوامر الله عز وجل ؟
قال تعالى: ( حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) فصلت / 20-21.
7-البعد عن الخلوة بالنفس فإنها مدعاة للتفكير في الشهوة ، وملأ الوقت بما يفيد من الأعمال الصالحة ، من قراءة القرآن ، والذكر والصلاة .
8- اجتناب مصاحبة الأشرار الفساق الذين يطرقون هذه المواضيع ، ويتحدثون فيما يثير الشهوة ويُهَوِّنُ المعصية ويجرئ عليها . ومحاولة صحبة الأخيار الذين يذكرون بالله تعالى ، ويعينون على طاعته ، فإن النبي ﷺ يقول : ( الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ ) رواه الترمذي (2378) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (1937) .
9- لو قُدِّر الوقوع في المعصية على حين ضعف ، فلا تتمادى في ذلك بل كن سريع التوبة أواباً إلى الله تعالى ، عسى أن تكون من هؤلاء الذين قال الله تعالى فيهم ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) آل عمران / 135 .
أخي المسلم . . لا تيأس من رحمة الله تعالى ، وإياك ثم إياك أن يتمكن الشيطان من نفسك ، ويوسوس لك أن الله تعالى لن يغفر لك ، فإن الله تعالى يغفر الذنوب جميعاً لمن تاب إليه .