يقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا-رحمه الله-:
الإحساس بالألم أو اللذة من شأن الأحياء ، والجسد لا حياة له إلا بالروح ، فإذا كانت الروح في الجسد وصل إليها الألم بواسطته ، يصح أن يقال إن هذا الألم ألمَّ بالروح والجسد ، وإن كان الشعور للروح وحدها ، وإذا كان الروح خلقًا مستقلاً مدركًا كما نعتقد ، فلا شك أنه يجوز أن يدركه الألم في حال تجرده ، كما كان يدركه في حال تقيده بالجسد ؛ فعلم بهذا أن قول العلماء : إن عذاب القبر – أي الألم الذي ينزل بالإنسان بعد الموت وإن لم يقبر- يكون على الروح والجسد : يتضمن القول بأنه يبقى للروح بعد الموت علاقة ، واتصال بمادة الجسد الذي كانت فيه وإن تفرقت هذه المادة وانحلت إلى أجسام كثيفة وغازات لطيفة ، ويستلزم هذا القول أحد أمرين : إما عدم فناء مادة الجسم ، وإما انقطاع العذاب بفنائها .
والمشهور عن المتكلمين الأشاعرة أن الجسم ينعدم على الراجح كما قال اللقاني :
وقلْ يعاد الجسم بالتحقيق عن عَدَم وقِيلَ عن تفريق
والقول بالتفريق – أي بعدم تلاشي مادة الجسم – هو الراجح عند متكلمي المعتزلة وبعض الأشاعرة ، وهو الموافق لرأي الفلاسفة القائلين باستحالة العدم ، والراجح عندنا تفويض أمر عالَم الغيب إلى عالِم الغيب سبحانه وتعالى .