نطق القرآن العزيز بأن الكافرين والمنافقين يخلدون في النار , وأكد هذا في آيات , وجاء في غيرها استثناء [إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ ] ( هود : 107 ) فأولوه بعدة وجوه ، كما أولوا إطلاق الخلود في جزاء القتل في قوله تعالى: [ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا ] ( النساء : 93 ) الآية , قالوا : إن المراد بالخلود طول المكث.
واستقر رأي المتكلمين على أن من بلغته دعوة نبيّنا ﷺ على وجه صحيح يحرك إلى النظر , فلم يؤمن عنادًا للحق أو جمودًا على تقليد آبائه وقومه ، فهو خالد في الدار التي أعدها الله تعالى للكافرين والمجرمين , وأشهر أسمائها ( النار ) وإن لم تكن كلها نارًا , بل فيها برد وزمهرير كما ورد .
واستثنوا من هذا الحكم من بلغته الدعوة فنظر فيها وبحث بجدٍّ وإخلاص فلم يظهر له الحق , ومات على ذلك غير مقصّر في النظر ، فقالوا: إنه يعذر عند الله تعالى لأنه [لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا] ( البقرة : 286 ).