لا شك أن التناسل غريزة فطر الله خلقه عليها ، فإن تسبب هذا الخصاء في إيلام للقط فإنه يُمنع ؛ لأن الإيذاء ممنوع في الشرع ، أما إن خلي من الإيذاء وترتب عليه نفع فلا بأس من فعله .
يقول الشيخ محمد صالح المنجد:
لا شك أن البهائم حكمها أهون من الإنسان ، لكن لا يعني هذا التعدي على خلق الله تعالى .
وإذا تسببت هذه العملية بأذى ، أو أحدثت مضاعفات مع القطة فإن هذا الفعل لا يجوز ، وتحريم الأذى عام في البشر والبهائم ، وهذه بعض الأحاديث الدالة على ذلك :
عـن ابـن عمـر رضي الله عنهما: عن النَّبيِّ قَالَ : ” دَخَـلَت امْرأةٌ النَّارَ في هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا ، فَلَمْ تُطْعِمْهَا ، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأرْضِ ” .
” خشاش الأرض ” : هوامُّها مِن فأرة ونحوها .
رواه البخاري ( 3140 ) و مسلم ( 2242 ) ، وعندهما عن أبي هريرة كذلك .
وعن جابر بن عبد الله: أنَّ النَّبيَّ ﷺ مَرَّ عَلَيْهِ حِمَارٌ قَدْ وُسِمَ في وَجْهِهِ فقَالَ : ” لَعَنَ الله الذي وَسَمَهُ ” .
رواه مسلم ( 2217 ) .
وقد اختلف العلماء في خصاء غير الآدمي على أقوال :
فالحنفية قالوا : إنه لا بأس بخصاء البهائم ؛ لأن فيه منفعة للبهيمة والناس .
والمالكية قالوا : يجوز خصاء المأكول من غير كراهة ؛ لما فيه من صلاح اللحم .
والشافعية : فرقوا بين المأكول وغيره ، فقالوا : يجوز خصاء ما يؤكل لحمه في الصغر ، ويحرم في غيره، وشرطوا أن لا يحصل في الخصاء هلاك .
أما الحنابلة : فيباح عندهم خصي الغنم لما فيه من إصلاح لحمها ، وقيل : يكره كالخيل وغيرها .
وقد قال الإمام أحمد : لا يعجبني للرجل أن يخصي شيئاً ، وإنما كره ذلك للنهي الوارد عن إيلام الحيوان .
انظر : ” المجموع ” ( 6 / 155 ) ، ” الآداب الشرعية ” ( 3/ 144 ، 145 ) ، ” الفتاوى الهندية ” ( 5 / 358 ) وفيها التنصيص على خصاء القط بقولهم : ( خصاء السنور إذا كان فيه نفع أو دفع ضرر لا بأس به، كذا في ” الكبرى ” ) ، ” الفواكه الدواني ” ( 2 / 346 ) .
فإذا كان في خصاء القط منفعة ، ولم يكن فيه هلاكٌ له : فيجوز .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
إذا كانت القطط كثيرة مؤذية ، وكانت العمليَّة لا تؤذيها : فلا حرج ؛ لأن هذا أولى من قتلها بعد خلقها .. وأما إذا كانت قططاً معتادة ولا تؤذي : فلعلَّ في بقائها تتنامى خيراً .