من المُقَرَّر شرعًا أن الله يحب الرفق في الأمر كله ، وأن الرفق بالحيوان واجب، وتعذيبه بكل لون من ألوان التعذيب مَنْهيٌّ عنه شرعًا.
حكم مباراة مصارعة الثيران وحكم مشاهدتها وتشجيعها :
ومشاهدة هذه المباريات وتشجيعها حرام أيضًا؛ لأنه إعانة على معصية، والإعانة على المعصية معصية، والدخل الناتج عنها حرام.
ولقد حَرَّمت دول أوروبا والعالم كله ـ عدا أسبانيا ـ دخول هذه المصارعة لبلادها لِما فيها من تعذيب للحيوانات المستخدمة ، فيجب على المسلمين أن يتنزهوا وأن يبتعدوا عن هذه المباراة الوحشية، فهناك الكثير من الرياضات البدنية التي حَثَّ الإسلام عليها ورَغَّبَ فيها .
الرفق بالحيوان واجب شرعا :
إنه من المعلوم من الدين بالضرورة والمُقَرَّر شرعًا أن الإسلام دين الرحمة والرأفة والرفق بجميع مخلوقات الله، الإنسان والحيوان وغيرهما على حد سواء.
فلقد رُوي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ـ ﷺ ـ قال: “يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه” (رواه مسلم) وعنها أيضًا أن النبيَّ ـ ﷺ ـ قال: “إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنزع من شيء إلا شانه” (رواه مسلم).
حكم المباراة بين الخيول والثيران :
أولاً: إما أن تكون هذه الخيول لحالها دون أن يمتطيَها فرسانٌ على ظهورها وتكون هي والثيران في حلبة المصارعة سواءً بسواء.
فمما لا شك فيه أن هذا عمل مُحَرَّم قطعًا طبقًا لِما قررته الشريعة الإسلامية؛ لأنه سوف يؤدي بالضرورة إلى عذابها وربما موت أحدهما، لأن القوتين غيرُ متكافئتين.
ومما لا شك فيه أيضًا أن الحيوان سوف يناله من العذاب ما لا يَعلم مقدارَه إلا الله؛ لأنه يتألم كما يتألم الإنسان.
ولقد أخبر الرسول ـ ﷺ ـ عن عدل الله حتى بين الحيوانات يوم القيامة أن الله سوف يَقْتَصُّ من القَرْناء (التي لها قرون) للجَلْحاء (التي لا قرن لها).
ولقد رُوي عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنه دخل على يَحيى بن سعيد وغلام من بني يَحيى رابطٌ دجاجة يرميها، فمشى إليها ابن عمر حتى حَلَّها، ثم أقبل بها وبالغلام معه فقال: ازجُروا غلامَكم عن أن يَصْبِر هذا الطير للقتل؛ فإني سمعت النبي ـ ﷺ ـ نهى أن تُصْبَرَ بَهيمة أو غيرها(متفق عليه) كما نهى النبيُّ ـ ﷺ ـ أن تُصْبَر البهائم. أي تُحْبَس للقتل (متفق عليه) كما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبيَّ ـ ﷺ ـ مَرَّ عليه حمار قد وُسِمَ في وجهه فقال: “لعن الله الذي وَسَمَه” (رواه مسلم) والوَسْم: هو الكَيُّ بالنار، وروى النَّسائيُّ من حديث عبد الله بن جعفر قال: مَرَّ رسول الله ـ ﷺ ـ على ناس وهم يرمون كَبْشًا بالنبل، فكَرِه ذلك، فقال: “لا تُمَثِّلوا بالبهائم”. إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي وردت في النهي عن هذا الفعل المُحَرَّم.
فمن هذه الأحاديث وغيرها يتضح أن الإسلام دين الرحمة والرأفة؛ ولذا نهى عن تعذيب الحيوانات بالضرب أو القتل، حتى في حالة الذبح الشرعيّ يقول النبيُّ ﷺ: “إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحْسِنوا القِتْلة وإذا ذَبَحْتم فأحْسِنوا الذِّبْحة، وليُحِدَّ أحدُكم شَفْرَتَه ولْيُرِحْ ذبيحتَه” (رواه مسلم وأبو داود)..
فإذا كان الإنسان هو الذي دعا إلى التقاء هذه الحيوانات في تلك المصارعة كي يستمتع بلحظة سعادة عابرة في نظره القاصر، فإنه بلا شك سوف يناله من العذاب الشيء الكثير؛ لأنه يترتب على فعله هذا شيء مُحَرَّم.
ثانياً : إذا وُجِدَت الخيل في حلبة السباق وعلى ظهورها فرسان، أو تمت المباراة بين رياضيين وبين الثيران فقط.
فمما لا شك فيه أن الإنسان سوف يعمل جاهدًا على سعادة مشاهديه، ويكون ذلك باستخدام عقله وتفكيره في ابتكار أساليب تعذيب الثيران، حتى يستمتع به جمهورُ المشاهدين الذي يبذلون الغاليَ والنَّفيسَ في الحصول على مقعد في هذا الحفل الشيطانيّ الثابتِ حُرْمتُه من الدين بالضرورة.
وإذا لم توجد إراقة دماء أو قتل فعذاب الحيوان كافٍ للمُساءلة أمام الله ـ عز وجل ـ يوم القيامة.
فالمرأة التي حَبَسَت الهِرَّة لم تُرِقْ دماءها وإنما اكتفت بعذابها بالحبس، فكان الجزاء العادل دخولَها النار.
حكم أكل لحم الثيران بعد المصارعة والذبح :
ويجب على المسلمين كافة أن يتنزهوا وأن يبتعدوا عن هذه المباراة الوحشية التي نهى عنها العالم أجمع، وهناك من الرياضات البديلة التي حَثَّ الإسلام عليها ورَغَّبَ فيها الشيء الكثير، وأن يتمسكوا بقول الرسول ﷺ: “الراحمون يَرحمهم الرحمن، ارْحَموا مَن في الأرض يَرْحَمْكم من في السماء”.
ومشاهدة هذه المباراة وتشجيعها حرام أيضًا؛ لأنه إعانة على معصية، والإعانة على المعصية معصية، والدخل الناجم عنها حرام.