القضاء في الإسلام له مكانته؛ إذ به تُقر الحقوق، ويرفع النزاع، وهو من ضرورات الدول المعاصرة.
ويجب على القاضي أن يحكم إن كان الحكم مستمدا من الشريعة الإسلامية أو لا يناقضها، ويجوز له الحكم بالقوانين المعاصرة في المسائل المستحدثة والتي لا تصطدم بالشريعة الإسلامية، فإذا ما كان الحكم مناقضا للشريعة أو يصطدم بها فله أن يمتنع عن الحكم .
يقول الأستاذ الدكتور عجيل النشمي أستاذ الشريعة بالكويت:
القضاء سلطة مستقلة في الدول المعاصرة، كما هو في الدولة الإسلامية، وله هيبته ومكانته وهو وسيلة إقرار الحق وإصدار الحكم ورفع النزاع، وهو من ضرورات الدول قديماً وحديثاً، والعمل في سلك القضاء في الدول المعاصرة التي لا تحكم بشرع الله في قوانينها بشكل عام ينقسم إلى ثلاث دوائر:
الأولى: دائرة القضايا التي تستمد حكمها من الشريعة الإسلامية، وهي قوانين الأحوال الشخصية، وجملة القوانين المدنية والتجارية وغيرها مما هو مستمد من الشريعة أو مستمد من غيرها ولا يناقضها، ولا يوجد ما يمنعه في الشريعة الإسلامية، فهذه كلها يجوز تولي القضاء فيها وإصدار الحكم بناءً على ما ورد فيها في الشريعة أو عدم مصادمتها لها.
الثانية: دائرة القضايا التي تتطلبها حياة العصر كقوانين المرور والبلديات والقوانين الإدارية وما إليها، فهذا كله جائز تولي القضاء فيه، بناءً على دخوله في مصالح العباد وحاجاتهم الدنيوية.
الثالثة: دائرة القضايا التي استمدت من غير الشريعة الإسلامية، مخالفة لها كالقوانين الجنائية وما إليها، أو القوانين المصادمة لنصوص الشريعة، مما يبيح محرماً، كالحكم بالفائدة الربوية، فهذه وأمثالها لا يجوز تولي القضاء فيها إذا كان القاضي ملزماً بأن يصدر الحكم المناقض والمصادم لحكم الشريعة الإسلامية، فهذا من الحكم بغير ما أنزل الله ويشمله منطوق قوله تعالى: “ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون (44)” (المائدة).
وعلى كل الأحوال، فينبغي أن يكون معلوماً أن القوانين والأحكام غير المصادمة للشريعة الإسلامية وكذلك القوانين والأحكام الإدارية التنظيمية التي تختلف باختلاف العصر، لا تأخذ صفتها الشرعية، إلاّ إن تم النص على أنها من الشريعة أو مما تسمح به. وإلاّ فعلى القضاة المسلمين أن يبتعدوا عن الحكم بالقوانين الوضعية المصادمة لشريعة الله، وأن يصدروا أحكامهم في غير ذلك، بذكر الشريعة الإسلامية أو مصدر من المصادر المعتبرة فيها، إذا أرادوا لأحكامهم أن تأخذ الصفة الشرعية.أ.هـ