إذا عاد المسلم أخاه المريض، فيحسن به أن يغذى فيه روح التفاؤل والرجاء، ويحمل إليه البشرى والأمل في الشفاء، وأن المؤمن لا ييأس من روح الله، ولا يقنط من رحمة ربه، وإن الذي كشف الضر عن أيوب، ورد البصر إلى يعقوب، قادر أن يكشف عنه ضره، ويرد عليه عافيته، ويبدله من السقم صحة، ومن الضعف قوة.
ولا يحسن به أن يذكر للمريض الذين ماتوا، بل يذكر الذين استردوا عافيتهم بعد المرض الطويل، وبعد جراحات خطيرة، وذلك لتقوية روحه المعنوية، وهذا جزء من العلاج عند حذاق الأطباء قديمًا وحديثًا، إذ لا انفصال بين النفس والجسم، إلا في البحث النظري أو التجريد الفلسفي.
ولهذا كان النبي -ﷺ- يقول للمريض إذا عاده : ” لا بأس، طهور إن شاء الله ” كما في الصحيح.
ومعنى (لا بأس) أي لا شدة ولا حرج، فهو تفاؤل ودعاء بأن يزول عنه البأس والضر، وترجع إليه الصحة والعافية، فضلا عما وراءها من التطهير والتكفير.
وقد روى الترمذي وابن ماجة عن أبى سعيد الخدري مرفوعًا : ” إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في أجله، فإن ذلك لا يرد ” من القدر ” شيئًا، وهو يطيب نفسه ” (ابن ماجة في الجنائز برقم (1438) والترمذي في الطب واستغربه (2087) قال الحافظ: في سنده لين . الفتح 10 /121).
ومعنى (نفسوا له) : أي أطمعوه في الحياة وطول الأجل كأن يقول له : إن شاء الله تسترجع عافيتك، وتقوم بالسلامة، ويرزقك الله طول العمر، وحسن العمل، ونحو هذه العبارات . ففي ذلك تنفيس لما هو فيه من الكرب وطمأنينة لقلبه، قال النووي: وهو معنى قوله -ﷺ- للأعرابي : ” لا بأس ” (انظر: الفتح 10 / 121، 122).
ومما يرفع من معنوية المريض ويطيب نفسه: وضع اليد عليه أو على موضع الوجع منه، مع الدعاء له، وخصوصًا لمن يظن بهم الخير والصلاح، كما فعل النبي -ﷺ- مع سعد بن أبى وقاص، فقد مسح على وجهه وبطنه ودعا له بالشفاء . قال سعد : فما زلت أجد برده على كبدي – فيما يخال إلى – حتى الساعة رواه البخاري.
ومن وصل به المرض إلى حالة لم يعد يرجى شفاؤه منها – وفق سنن الله – سأل الله له أن يلطف به، ويخفف عنه ويختار له الخير، يقول ذلك في نفسه، ولا يسمعه إياه، حتى لا يؤثر ذلك على نفسيته.