الإسلام يحرص على أن تكون للمسلم شخصيته المستقلة المتميزة، ولذلك يحذرنا رسول الله ﷺ من التشبه بمن لا خلاق لهم فقال في الحديث الذي رواه الترمذي: (ليس منا من تشبه بغيرنا) وفي سنن أبي داود (من تشبه بقوم فهو منهم)، وعلى هذا فلا يجوز لنا أن نسمي أبناءنا بأسماء أجنبية، وعلينا أن نتخير الأسماء الحسنة لأبنائنا، وأن نقتفي هدي رسول الله ﷺ في تسميتهم.
يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة -أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
إن من حقوق الأولاد على الآباء أن يختاروا لهم أسماء حسنة، فقد ورد في الحديث عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ: (إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسمائكم) رواه أبو داود بإسناد حسن .
وهنالك أسماء مستحبة استحبها الرسول ﷺ، فينبغي أن يسمى الأولاد بها، وهنالك أسماء غيرها الرسول ﷺ لكراهيته لها، فمن الأسماء المستحبة المرغب فيها ما ثبت في الحديث الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ: (إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن) رواه مسلم، فهذا الحديث يفيد أن هذين الاسمين: (عبد الله وعبد الرحمن) أفضل الأسماء .
ومن الأسماء المستحبة أيضاً أسماء الأنبياء كإبراهيم، وموسى، وعيسى، ونوح، ويونس، وغيرها، ويدل على ذلك ما ثبت في الحديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: (ولد لي غلام، فأتيت به النبي ﷺ فسماه إبراهيم، وحنكه بتمرة ) رواه مسلم .
ولما ورد في الحديث أن الرسول ﷺ قال: (تسموا بأسماء الأنبياء وأحب الأسماء إلى الله عبـد الله وعبد الـرحمن وأصـدقها الحـارث وهمام وأقبحها حرب ومرة ) رواه أبو داود والنسائي وأحمد وفي سنده بعض الكلام وله شواهد تقويه .
قال الإمام البغوي معلقاً على هذا الحديث: (إنما صار الحارث وهمام من أصدق الأسماء من أجل مطابقة الاسم معناه؛ لأن الحارث الكاسب يقال حرث الرجل: إذا كسب قال الله سبحانه وتعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ )، وهمام من هممت بالشيء : إذا أردته وما من أحد إلا وهو في كسب أو يهم بشيء، وإنما صار حرب ومره من أقبح الأسماء لما في الحرب من المكاره، وفي مرة من المرارة والبشاعة ، وكان رسول الله ﷺ يحب الفأل الحسن والاسم الحسن) شرح السنة 12/334 .
ومن الأسماء التي لا يجوز تسمية الأولاد بها كل اسم معبد لغير الله سبحانه وتعالى مثل: عبد علي، وعبد الحسين وعبد النبي ونحوها، ومنها أسماء الفراعنة والجبابرة كفرعون، وقارون، ونحوهما .
وأما الأسماء الأجنبية فإني أكره أن يسمى بها أبناء المسلمين؛ لأن ذلك يدخل في التشبه بغير المسلمين، وقد نهينا عن ذلك ، كما أن في الأسماء العربية الإسلامية ما يغني عن التسمية بالأسماء الأجنبية . كما أن الأسماء المعروفة بين المسلمين لها معان ودلالات معينة، وليس كذلك الأسماء الأجنبية .