ترك الصلاة مع عموم المسلمين بزعم أدائها في الكعبة حرام، وهو نوع من الدجل الذي نهينا عنه فلم يرد عن رسول الله ﷺ ولا أحد من الصحابة أو التابعين هذا الأمر، وعلى من يفعل هذا أن يتوب إلى الله ولا يتسبب في فتنة المسلمين.
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:
إن الإيمان في القلب ولكن الإسلام علانية فالمسلم هو الذي يظهر إسلامه للناس: فيشهدون له بموجبه، من أداء الفرائض واجتناب المحارم فهو لهذا يشهد الجماعات، ويحضر المساجد مع المصلين، ليدفع عن نفسه التهمة . ولهذا أوجب الإمام أحمد صلاة الجماعة على كل رجل صحيح مقيم لا عذر له . وسائر الأئمة جعلوها فرض كفاية أو سنة مؤكدة.
وعلى فرض تسليم صحة حادث رؤيته في مكة فإن الإسلام يفرض علينا أن نبني حكمنا على الناس بقياس حالهم على أحكام الإسلام ومدى تحققهم بالطاعة الواجبة لله ورسوله، وفي ذلك يقول الإمام الشافعي رضي الله عنه: إذا رأيتم الرجل يطير في الهواء، ويمشي على الماء، فلا تعجلوا بالحكم بصلاحه، قبل أن تقيسوا أمره بكتاب الله عز وجل.
وقد تمت نعمة الله سبحانه على المسلمين الأول لما تحققوا بكمال الانقياد لأحكام دينهم، فكانوا خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة، ويسوسون الناس ويقودون الدنيا … ومثل هذا الدجال بإبطال الصلاة ومخالفة القرآن إنما يشيع في أمته مخالفة ناموس السيادة الذي كنا به يومًا من الأيام خير أمة أخرجت للناس، وبمثله تنحط الأمم، وتسقط الفرائض والواجبات، ولن تقدس أمة يسقط فيها الواجب.
وقد كان ابن صياد من هؤلاء الدجالين، وهو دجال كان يعيش في مدينة رسول الله ﷺ على عهده عليه السلام، وكان يعترض طريق الرسول، وينفخ بدنه فإذا بدنه يتمدد حتى يسد الطريق … ولكن ما إن يقترب منه الرسول حتى يتلاشي كل شيء، فما رأي دجالكم المتمشيخ في هذا الذي كذب الرسول وعارضه ؟ أيعتبر تمدد جسمه ولاية معارضة للنبوة ؟.
إن مرجع مثل هذه الحالات الشاذة في الأجسام إلى علم الله سبحانه، ولا دلالة فيها إطلاقًا على رضوان الله تعالى، لأنها قد تطرأ على أعداء الله كما هو معروف من حال ابن صياد، وقد أكرم الله أبا بكر وعمر وعثمان وعليًا وغيرهم من أجلاء الصحابة وكرام أولياء هذه الأمة أن تقوم ولايتهم على الدجل الجثماني، فإذا كان لأحدهم حال من تلك الأحوال فهي حال منفصلة كل الانفصال عن السر القائم بين العبد وربه .. وهناك حالات كثيرة من حالات امتداد الأجسام أو انتقالها المسافات الطويلة، وبعض الناس ينكرها وبعضهم يتوقف في الحكم عليها أي في تعليل سرها، إلا أن أحدًا من علماء المسلمين أو غيرهم لم يذهب يومًا إلى اعتبارها عنوان ولاية الله عز وجل.
-أما استخدام الجان في حمل مخدوميهم إلى الأقطار النائية، فذلك أمر اختص به سليمان عليه السلام . إذ دعا ربه: (رب اغفر لي وهب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي) (ص: 35) وقد أجابه الله سبحانه، ولا ينبغي لأحد بعد سليمان أن يكون له مثل ذلك، وعباد البقر في الهند يمارسون الصيام والامتناع عن الشهوات، ويقبلون على تعذيب البدن وإضعاف قواه بأساليب موروثة من أعماق القدم، فيصل بعضهم في النهاية إلى أمور بدنية خارقة للعادة، فهل نسمي عبّاد البقر أولياء ؟..
وإننا نحذر الناس من الاغترار بحال هذا الرجل وأمثاله فإنما هم فتنة للناس يستدرجونهم إلى مخالفة الله، ويهونون عليهم ترك أوامره، وهو من أعظم البلاء في الإسلام، وكفى بسيدنا رسول الله وصحابته أولياء أولئك هدى الله فبهداهم اقتده … والحمد لله رب العالمين.