من المُقرر أن الغش في أي شيء حرام، والحديث واضح في ذلك “من غشنا فليس منا” رواه مسلم وهو حُكم عام لكل شيء فيه ما يخالف الحقيقة، فالذي يغش ارتكب معصية، والذي يساعده على الغش شريك له في الإثم، ولا يصح أن تكون صعوبة الامتحان مُبررة للغش، فقد جُعِلَ الامتحان لتمييز المجتهد من غيره، والدين لا يسوي بينهما في المعاملة، وكذلك العقل السليم لا يرضى بهذه التسوية، قال تعالى: (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَُ المُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) (سورة ص : 28).
وانتشار الغش في الامتحانات وغيرِها رذيلة من أخطر الرذائل على المجتمع، حيث يسود فيه الباطل وينحسر الحق، ولا يعيش مجتمع بانقلاب الموازين الذي تُسند فيه الأمور إلى غير أهلها، وهو ضياع للأمانة، وأحد علامات الساعة كما صح في الحديث الشريف.
والذي تولَّى عملاً يحتاج إلى مُؤهل يشهد بكفاءته، وقد نال الشهادة بالغش يحرم عليه ما كسبه من وراء ذلك، وكل لحم نبت من سُحت فالنار أولى به وقد يصدق عليه قول الله تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذاِب وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (آل عمران : 188).
وإذا كان قد أدى عملاً فله أجر عمله كجهد بذله أي عامل، وليس مرتبطًا بقيمة المؤهل، وهو ما يعرف بأجر المثل في الإجارة الفاسدة، وما وراء ذلك فهو حرام.