في فقه الحنفية: لو آجَر الإنسان نفسَه لبناء كنيسة أو عمل شيء تعلق بعمارتِها فالإجارة صحيحة؛ لأن ذلك من جنس الأعمال المباحة، وفي فتاوى قاضيخان : وكذا لو بنى بالأجر بَيعة أو كنيسة لليهود والنَّصارى طاب الأجر.
وعندهم أن الفَراش الذي يخدم الكنيسة يستحِقُّ الأجر ما دام أصل العمل مباحًا وأما دقُّ الناقوس للصلاة فلا يجوز.
وإن كان من توابِع الخدمة في الكنيسة حمل الخمر، فإن لم يكن الحمل بنيّة أن يعصيَ بشربها مسلم كان الإجارة صحيحة، وطاب له الأجر عند أبي حنيفة خلافًا لصاحبيه، قال الكسائي في ” بدائع الصنائع ” ج 4 ص 190: ومن استأجر حمّالاً يحمل له الخمر فله الأجر في قول أبي حنيفة، وعندهما ـ أي صاحبيه محمد وأبي يوسف ـ يُكره، لهما ـ أي دليلهما ـ أن هذه إجارة على المعصية، لأن حمل الخمر معصية، لأنه إعانة على المعصية، وقد قال الله عزّ وجَلّ:” ولا تَعاوَنُوا عَلَى الإثْمِ والعُدْوانِ” ولهذا لعنّ الله عشرة، منهم حاملها والمحمولة إليه، ولأبي حنيفة ـ أي دليله ـ أن نفس الحمل ليس بمعصية بدليل أن حملها للإراقة والتخليل مباحٌ، وكذا ليس بسبب للمعصية وهو الشُّرب، لأن ذلك يحصل بفعل فاعل مختار، وليس الحمل من ضرورات الشرب فكان سببًا محضًا، فلا حكم له كعصر العنب وقطفه، والحديث محمول على الحمل بنيّة الشُّرب، وبه نقول: إن ذلك معصية ويكره أكل أجرته.
يؤخذ من هذاأن أجير الكنيسة إذا كان قد تعاقَد معه على أخذ الأجرة في نظير تعاطيه عملية الفراشة ودقّ الناقوس فالإجارة فاسدة، وأكل الأجرة مكروه، لأنّه تعاقد على عمل اقترن بمعصية وهي دقّ الناقوس، وينبغي له أن يترك هذا العمل ويبحث عن مرتزق آخر”.