الراحج أن سجود التلاوة مسنون وأنه كسجود الصلاة ويشترط فيه الطهارة، وإذا أعيدت آية السجدة في نفس المجلس لا يجب تكرار السجود،ولكن يستحب، وإذا وردت آية سجود أخرى فيسن السجود للآية الثانية .
يقول الدكتور عبد الرحمن العدوي ، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر:
إن القرآن كتاب الله ـ الكريم ـ خير كتاب لخير أمة، ” فيه نبأ من قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، ونوره المبين، والذكر الحكيم، من جعله أمامه ساقه إلى الجنة، ومن جعله خلفه قاده إلى النار”، فوجب علينا أن نقرأه ونتدبره، ونتأدب بآدابه عند قراءته وسماعه؛ لأن تلاوة القرآن عبادة يقصد بها التقرب إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ والخضوع لعظمته، والتذلل بين يديه.
فإذا مر القارئ بآية فيها الجنة فرح واستبشر، وإذا مر بآية فيها النار تأوه وتألم، وسأل الله الفوز بالجنة، والنجاة من النار، وإذا مر بآية فيها سجدة سجد لله سجدة التلاوة، وسجود التلاوة على القول الراجح كسجود الصلاة فيشترط له ما يشترط للصلاة من ستر العورة، واستقبال القبلة، والنية، وغير ذلك من طهارة البدن وطهارة موضع الصلاة.
وأجمع العلماء على مشروعية سجود التلاوة للقارئ والمستمع، وهو عند الجمهور سنة، وعند أبي حنيفة واجب، والأدلة على مشروعيته كثيرة منها ما روي عن أبي هريرة مرفوعًا: ” إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار” وقال ابن عمر: كان النبي ـ ﷺ ـ يقرأ علينا السورة فيها السجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد أحدنا موضعًا لجبهته.
ويستحب أن يكرر السجود بتكرار التلاوة لأنها سببه، لكن لو أعادها لتكرير الحفظ أو الاعتبار أو لاستنباط حكم منها أو لفهم معناها لم يكرر السجود.
وإذا سجد عند تلاوة آية السجدة ثم وردت آية أخرى فيها السجود سجد ثانيًا، وذلك لأنه يتكرر السجود بتكرر الآيات التي فيها الأمر بالسجود.
ويقول في سجود التلاوة كما يقول في سجود الصلاة سبحان ربي الأعلى، وإن زاد على ذلك مما ورد فهو حسن ؛ كأن يقول: “سجد وجهي لله الذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته اللهم اكتب لي بها أجرًا وضع عني بها وزرًا واجعلها لي عندك زخرًا وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود” ولا يشرع فيها تحريم ولا تحليل أي لا يشرع فيها تكبيرة الإحرام، ولا سلام ولا جلوس مطلقا.