من قرأ آية فيها سجدة أو سمِعها يُستحب له أن يسجد للتلاوة، ولو لم يسجد لا عقوبة عليه، وأوجبها أبو حنيفة، فلو تركها عُوقِب عليها.
ويرى جمهور الفقهاء أن السجود يكون عقِب قراءة الآية مباشرة أو عقب سماعها، فإن أخر السجود وطال الفصل سقطت السّجدة ولا تقضى، وإن كان الفصل قليلًا شُرعت السجدة.
ومن هذا يُعلم أن القارئ إذا وصل إلى آية السجدة وقرأها يترك المصحف أو القراءة ويسجد، ثم بعد ذلك يُتِمُّ قراءته إذا أراد، ويدل عليه ما جاء في البخاري أن عمر ـ رضي الله عنه ـ قرأ على المنبر يوم الجمعة سورة النحل، حتى جاء السجدة ـ يعني الآية التي فيها السجدة رقم 49 ـ فنزل وسَجَدَ وسَجَدَ الناسُ حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها، حتى إذا جاء السجدة قال: أيُّها الناس، إنّا لم نُؤمَرْ بالسُّجود، فمَن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثمَ عليه.
هذا، ويُشترط لسجود التلاوة ما يشترط للصّلاة، من الطّهارة واستقبال القبلة وستر العورة، وذلك ما رآه جمهور الفقهاء، وكان ابن عمر يسجد بدون وضوء كما رواه البخاري ولم يوافِقه عليه إلا الشعبي كما قال صاحب الفتح، أما الطهارة من الجَنابة فلازمة، لأن القراءة بدونها ممنوعة.
أما ما يقال في سجود التلاوة من الذِّكر فلم يصحّ فيه إلا حديث رواه الخمسة إلا ابن ماجه. فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول في سجود القرآن : سجد وجهي للذي خلقَه وشقّ سمعه وبصره بحوله وقوته، فتبارَك الله أحسن الخالقين.

ماذا يَجب على المسلم إذا سمع آيةً قرآنيّة بها سجود وهو يسير في الطريق العام؟
الواجب مَن قرأ أو سمع آية فيها سجود يُسنُّ له عند جمهور الفقهاء أن يَسجُدَ سجدة التلاوة ، فإن لم يسجد فلا عقوبة عليه؛ لأنها سُنّة وليست واجبة، إلا عند أبي حنيفة فقد جعلها واجبة. فإن كان طاهرًا حين سمعَها أو قرأها وجب عليه أن يسجد، وإلا فهي في ذمّته يجب عليه أن يسجُد بعد أن يتطهرَ.
فلو كان الإنسان ماشِيًا في الطريق العام وهو مُتوضِّئ وسمع آية فيها سجدة يُسَنُّ له أن يسجد على أي مكان طاهر يكون قريبًا منه، فإن لم يسجُد فلا ذَنْبَ عليه ويقوم مقامَها عند الشافعيّة أن يقول (سُبْحانَ اللهِ، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبرُ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلِيِّ العَظيم) أربعَ مرّات، فذلك يُجزِئه عن سجدة التلاوة حتى لو كان متطهِّرًا، وعلى رأي أبي حنيفة إن لم يتمكن من السجود في الطريق، فليسجد عندما يصل إلى مكان يسهل عليه أداؤه فيه، فإن وجوبَها موسع عنده في هذه الحالة، والعمر كله فرصة لأدائها.”.