إن غالب الأمراض النفسيّة يأتي من أفكار تتأثر بها أعصاب الإنسان وتتغيّر بها نظرته إلى الحياة، ويضطرب سلوكه بالتالي بوجه عام، وعلاج أي مرض يكون بعلاج أسبابه، وذلك بتصحيح الأفكار والعقائد، وقد صحّ في الحديث المتّفق عليه:” ألا وإنّ في الجَسد مُضغة إذا صلحت صلح الجسد كلّه، وإذا فسَدتْ فسد الجَسد كلُّه، ألا وهى القلب”.
فهو مستقر العقائد ومبعث الوجدان، والدين بعقائده وعباداته وأخلاقِه علاج لكل الأمراض العقليّة والنفسيّة بل والأمراض الجسدية، فهو يُزيل الشكَّ ويثبِّت اليقين، والتفقه فيه وممارسة مبادئه بصدق يمنع العُقَد النفسيّة، ويشفيها ويعالجها كما قال تعالى:( ونُنَزِّلُ مِنَ القُرْآنَ مَا هُوَ شِفاءٌ ورَحْمةٌ لِلْمُؤمِنينَ )(سورة الإسراء : 82)وقال:( يا أيُّهَا النّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وشِفاءٌ لِمَا فِي الصُّدورِ)(سورة يونس : 57).
والعِبادات وقراءة القرآن وذكر الله والدعاء من أنفع أنواع العلاج للأمراض النفسيّة إن لم تكن أنفعها على الإطلاق، فهى دواء الله العليم بأحوال النفوس، والرسول صلّى الله عليه وسلم كان إذا حزّبه ـ أو حزنه ـ أمر فزع إلى الصلاة. رواه أحمد، وهو القائل:” وجُعلت قرّة عَيني في الصلاة” رواه النسائي والطبراني والحاكم وصححه وقال الحافظ: إسناده جيد.
وقد ورد في السنة النبويّة أدعية لتفريج الهَمِّ والكرب وإزالة الخوف والقلق وغيره من أمراض النفوس، مذكور كثير منها في كتاب” زاد المعاد “لابن القيم، وكتاب” الأذكار للنووي”.
وكل ذلك مع الإيمان بأن الله حكيم في قوله وفعله، وأن قضاءه نافذ لا رادّ له والواجب هو الرّضا والصبر، وفي ذلك راحة نفسيّة وانتظار للفرج وتكفير للسيئات أو رفع للدرجات:( يا أيُّها الذِينَ آمَنوا استَعِينُوا بالصَّبْرِ والصّلاةِ إنّ اللهَ مَعَ الصّابِرينَ)(سورة البقرة : 153)( وبَشِّرِ الصّابِرِينَ الذِينَ إذَا أَصَابَتْهُمْ مُصيبَةٌ قَالُوا إنّا للهِ وإنّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِن رَبِّهِمْ ورَحْمةٌ وأُولئِكَ هُمُ المُهْتدونَ)(سورة البقرة: 155 ـ 157).