لقد حذَّرنا الإسلام من الفتنة بالدنيا فمتاعها قليل والآخرة خير وأبقى ، ومن أكثر الناس افتتانًا بها من يعملون في ميدان التجارة لذلك وضع الإسلام لها آدابًا تحقق الربح في الدنيا والآخرة ، ففي حديث حسن رواه الترمذي وابن ماجه ” التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء ” وفي حديث رواه البيهقي ” أن أطيب الكسب كسب التجار الذين إذا حدَّثوا لم يكذبوا وإذا ائتمنوا لم يخونوا ـ وإذا وعدوا لم يُخلفوا ، وإذا اشتروا لم يذموا ، وإذا باعوا لم يمدحوا ، وإذا كان عليهم لم يمطلوا ، وإذا كان لهم لم يُعْسِروا ” فمن الآداب إذا اشتروا سلعة لا يذمونها ويبخسونها حقها ، وإذا باعوها لم يمدحوا فيها مدحًا مبالغ فيه ، وإذا كان عليهم حق لغيرهم لا يماطلون في دفعه ما داموا قادرين ، وإذا كان لهم حق على غيرهم لا يطلبونه وهم مُعْسِرون ، بل يؤجلونه إلى ميسرة .

حكم الحلف على البيع والشراء

ومما يتورط فيه التجار بُغية الكسب والكسب الكثير ، الحلف بالله أنه اشترى السلعة بثمن غال حتى يأخذ ممن يبتاعها منه ثمنًا أغلى ولو فرض أنه صادق في حلفه فإن الحلف بالله حتى في فعل الخير مذموم لقوله تعالى : ( وَلَا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ ) ( سورة البقرة : 224 ) هو أشد ذمًّا إذا حلف ألا يفعل الخير وأفحش ما يكون الحلف ذمًّا إذا كان كاذبًا فيه ، وبخاصة إذا توصل به إلى مَغنم دنيوي لا يدفع عنه غضب الله.

وقد جاء في ذلك حديث البخاري ومسلم وأصحاب السنن ” ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ” ومنهم : ” رجل بايع رجلًا بسلعته بعد العصر فحلف بالله أنه اشتراها بكذا وكذا فصدقه فأخذها وهي على غير ذلك

روي البخاري ومسلم ” الحلف منفقة للسلعة مَمْحقة للكسب ” إن الذي يحلف كذبًا غاشّ.

والحديث الذي رواه مسلم يقول “من غشنا فليس منا .

وعليه أن يكفِّر عَنْ يَمينه ويتوب إلى الله برد المظالم إلى أهلها ، والذي يقتطع مال امريء مسلم وأي لحم نبت من سُحت فالنار أولى به، كما رواه الطبراني واللقمة من الحرام في جوف الإنسان تحول دون استجابة الدعاء ،

ماذا قال النبي عن التجار

بل تمنع قبول عمله أربعين يومًا كما رواه الطبراني ولكثرة ما يقع فيه التجار الحريصون على الدنيا من أخطاء جاء الحديث الذي رواه أحمد بإسناد جيد ” إن التجار هم الفجار ” قالوا : يا رسول الله أليس الله قد أحلَّ البيع ؟ قال ” بلى ولكنهم يحلفون فيأثمون ويُحدثون فيكذبون ” فلنضع أمام أعيننا جميعًا قول النبي ـ ـ فيما رواه ابن حبان ” لا تستبطئوا الرزق فإنه لم يكن عبد ليموت حتى يبلغ آخر رزق هو له ، فأجملوا في الطلب ” وقوله ” من كانت الدنيا هَمَّه جَعَلَ الله فقره بين عينيه ، وشتَّت عليه شمله ، ولم يأته منها إلا ما كُتب له ” رواه ابن ماجه.

وقوله :- يا معشرَ التُّجارِ ! . فاستجابوا لرسولِ اللهِ ، ورَفعوا أعناقَهم وأبصارَهم إليه ، فقال : إنَّ التُّجارَ يُبعثون يومَ القيامةِ فُجارًا ؛ إلا من اتَّقى اللهَ ، وبَرَّ وصدق .