يقول الدكتور أحمد عبد الكريم نجيب مدرس الشريعة بكلية الدراسات الإسلاميّة في سراييفو، و الأكاديميّة الإسلاميّة في زينتسا
إن حساب الله تعالى للناس يوم القيامة يبدأ بنصب الموازين، قال اللَّهِ تعالى : ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً) الآيَةَ .
و بعد ذلك يكون المرور على الصراط الذي ينصب على متن جهنّم و يجوزه العباد على حسب أعمالهم، فمنهم من يوبقه عمله فتلقفه كلاليبه و تلقي به في النار جزاءً وِفاقاً ، و من جازه دخل الجنّة، فقد روى الشيخان و أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلّم قال : « يُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَىْ جَهَنَّمَ ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنَ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ، وَ لاَ يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلاَّ الرُّسُلُ، وَ كَلاَمُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ. وَفِى جَهَنَّمَ كَلاَلِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، هَلْ رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ ». قَالُوا نَعَمْ . قَالَ « فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلاَّ اللَّهُ ، تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُوبَقُ بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو » .
و لا أعلم دليلاً على أنّ الحساب يكون بعد جواز الصراط، و لا أحداً ذهب إلى هذا القول من أهل العلم.
أما المقاصة لحقوق العباد فهي حق، و هي غاية العدل، فقد روى مسلم و الترمذي و أحمد عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ : « أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ » . قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ. فَقَالَ : « إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِى يَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِى قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِى النَّارِ ».
و ليس في هذا الحديث ما يدل على كون ذلك بعد جواز الصراط، فمن زعم ذلك فعليه الدليل.