ليس بعد الموت ولا بعد البعث تكليف ولا عمل صالح ولا ارتكاب ذنوب، وإنما يكون سؤال القبر وعذابه أو نعيمه، ثم الحساب بعد البعث ودخول الجنة أو النار، ولكن المسلم يثاب بعد الموت بأعماله الصالحة التي عملها في حياته وما زال نفعها باقيا بعد مماته، وللشهيد والمرابط فضل خاص، حيث يجري الله له أجر أعماله بعد موته، تفضلا منه تعالى.

هل بعد الموت تكليف

يقول الأستاذ الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر:

إن الإنسان إذا مات وزالتْ رُوحه من جَسده أصبح مَيْتًا، ولا يُوجد بعد الموت تكليف ولا يُوجد بعد الموت ارتكاب ذُنوب؛ لأنه بمجرد موته يُسأل عن عمله في دُنياه بعد موته قُبِرَ أم لم يُقبر، ثم يُجازى بالخير خيرًا وبالشر شرًّا. وإن الإنسان إذا مات إمَّا أن يكون في نَعيم أو عذاب، وذلك يَحصل لروحه وبدَنه، وإن الروح تبقَى بعد مُفارقة البدن مُنعَّمةً أو مُعذَّبةً، وتتصل بالبدَن أحيانًا ثم إذا كان يوم القيامة الكبرى أُعيدتِ الأرواح إلى الأجساد وقاموا مِن قبورهم لرب العالَمين.

وكذلك لا يُوجد بعد البعث أيضًا تَكليف ولا عملٌ ولا ذُنوب.

أما بالنسبة للتوبة قبل موته، فلو تابَ الإنسان ورجَع إلى الله توبةً نَصوحاً ولم يرجع إلى هذا الذنْب أبدًا، فسيغفر الله ذُنوبه، والتوبة تكون طوال حياته ولا تتعلق بالآخرة، إذ الآخرة ليس فيها ارتكاب ذنوب.

أعمال لا ينقطع أجرها بعد الموت

أما الحديث الأول وهو: ” إذا ماتَ ابنُ آدمَ انقطعَ عملُه إلا مَن ثلاث… “إلخ ، فهذا الحديث عامٌّ لجميع الناس؛ لأن الميت يَنتفع بما كان سببًا فيه من أعمال البرِّ في حياته، وكذلك يَنتفع من أعمال البرِّ الصادرة عن غيره، مثل الدعاء والاستغفار والصدَقة، فبِمَوته يَنقطع عمله ما عدَا الصدَقة الجارية فإنه يأخذ ثوابًا في الآخرة على فِعْله عنها، وكذلك العلم الذي علَّمه للناس، وكذلك الدعاء من الولد الصالِح، فهذه الأعمال الثلاثة تَزيد في حسناته ويَنتفع بها في الآخرة.

أما بالنسبة لحديث المُرابط فما جاء فيه فهو فضيلة خاصَّة بالمُرابطين الذين أنزل الله فيهم هذه الآية الكريمة في كتابه العزيز: (ولا تَحسبَنَّ الذينَ قُتِلوا في سَبيلِ اللهِ أمواتًا بل أحياءٌ عندَ ربِّهمْ يُرزَقونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ ويَستبشرونَ بالذينَ لم يَلْحَقُوا بهمْ مِن خَلْفِهمْ أَلَّا خَوفٌ عليهمْ ولا همْ يَحزنونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمةٍ مِنَ اللهِ وفَضْلٍ وأنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أجْرَ المُؤمنِينَ ) (سورة آل عمران: 169 ـ 171).

أما قوله في الحديث: “ويَجري عليه رِزقُه” فهذا لقوله تعالى: (أحياءٌ عندَ ربِّهمْ يُرزَقونَ).

أما أنه يُنمَّى عملُه فهذا يدلُّ على أن المُرابط يَزداد ويَنمو إلى يوم القيامة، وهذا يدلُّ على الإنسان يأخذ جزاءَ عملِه في الدنيا، ويزاد عليه فضْلُ الله بالنسبة للمُرابط.