يجوز التعوذ من غضب الله وغضب رسوله –ﷺ- إذا رأى المسلم أمرا يغضب الله ويغضب رسوله، أو وقع منه ما يغضب الله ورسوله، وقد تعوذ الصحابة من غضب الله ورسوله بين يدي رسول الله –ﷺ- ولم ينكر عليهم فدل على جوازه.
يقول سماحة المستشار فيصل مولوي – رحمه الله تعالى -نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء-:
لقد ورد في كثير من الأحاديث أن بعض الصحابة الكرام تعوذوا أمام رسول الله ﷺ من غضب الله وغضب رسوله، ولقد ورد في المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي أن هذه الصيغة وردت في أحاديث رواها مسلم وأبو داوود والترمذي وأحمد والنسائي.
أما رواية النسائي في كتاب القسامة فهي عن ابن عباس (أن رجلاً وقع في أب له في الجاهلية، فلطمه العباس، فجاء قومه فقالوا: ليلطمنه كما لطمه، فلبسوا السلاح، فبلغ ذلك النبي فصعد المنبر فقال: (أيها الناس، أي أهل الأرض تعلمون أكرم على الله عز وجل؟ فقالوا: أنت. فقال: إن العباس مني وأنا منه، لا تسبوا موتانا فتؤذوا أحياءنا. فجاء القوم فقالوا: يا رسول الله، نعوذ بالله من غضبك، استغفر لنا).
وأما رواية الترمذي فهي عن البراء (أن النبي ﷺ بعث جيشين وأمر على أحدهما على بن أبي طالب وعلى الآخر خالد بن الوليد، فقال، إذا كان القتال فعلي.قال: فافتتح علي حصناً فأخذ منه جارية، فكتب معي خالد بن الوليد إلى النبي ﷺ يشي به، فقدمت على النبي فقرأ الكتاب فتغير لونه، ثم قال: ما ترى في رجل يحب الله، ورسوله ويحبه الله ورسوله؟ قال: قلت: أعوذ بالله من غضب الله ورسوله، وإنما أنا رسول فسكت) .
فهذه الصيغة قالها بعض الصحابة أمام رسول الله ﷺ عندما شعروا أنهم أغضبوه، لأنهم يعلمون أن غضبه مظنة هلاك لأنه لا يغضب إلا إذا انتهكت حرمات الله، ولذلك لا أرى حرجاً على المسلم أن يستعمل هذه الصيغة عندما يقع في مخالفة لأمر الله أو لأمر رسول الله ﷺ يظهر معها أن رسول الله ﷺ يغضب عليه، لأنه ولو كان رسول الله قد توفاه الله، إلا أنه من الثابت أن الله تعالى قد أعطاه الشفاعة لأمته، وأنه إذا غضب على أحد المسلمين فقد لا يشفع له يوم القيامة، وفي ذلك مظنة هلاك والعياذ بالله تعالى.
وقد روى البزار أن النبي ﷺ قال: (حياتي خير لكم ومماتي خير لكم. حياتي خير لكم، تحدثون فأسن لكم (أي تقعون في حوادث فأشرع لكم فيها) ومماتي خير لكم، تعرض علي أعمالكم، فإن وجدت خيراً حمدت الله، وإن وجدت غير ذلك استغفرت لكم).
على أن التعوذ من غضب الله يكفي المسلم، لأن رسول الله ﷺ لا يغضب إلا لغضب الله. وأكثر النصوص الصحيحة على ذلك، والحمد الله رب العالمين.