مما لا شك فيه أن أموال اليانصيب من المصادر المحرمة في الشريعة الإسلامية، وتحريمها عائد إلى حق الله تعالى، فيجوز للمراكز الإسلامية الانتفاع من تبرعات الحكومات الغربية لها من أموال اليانصيب إذا احتاجت إليه بشرط ألا تبلغ هذه الأموال خمسين في المائة من ميزانيتها.
هل يجوز التبرع بأموال اليانصيب للجمعيات الخيرية
يقول الدكتور سامي إبراهيم السويلم – الباحث في الاقتصاد الإسلامي-:
إنَّ الحكومات الغربية تعتقد أن اليانصيب عمل مشروع، وهي تحصل على هذه الأموال برضا أصحابها؛ وهذا يعني أن التحريم هنا راجع إلى حق الله ـ تعالى ـ وليس لحقوق الناس.
وما كان من هذا النوع فإن وزره على صاحبه، ولا يتحمل الآخرون منه شيئاً، إذا كان تعاملهم معها مشروعاً في نفسه.
وكون الحكومات الغربية تعتقد جواز اليانصيب، فهذا يعني أن عدم الانتفاع بهذه الأموال لا يؤثر كثيراً في موقف الحكومة في ترك اليانصيب، كما أن عدم التعامل مع أهل الذمة لم يكن يؤثر كثيراً في تركهم للخمور.
فإذا جاز للمسلمين، حال قوتهم واستعلائهم، الانتفاع بأموال أهل الذمة التي حصلوا عليها عن طريق بيع الخمور، فلا ريب في جواز انتفاع المسلمين حال ضعفهم وكونهم أقلية بأموال غير المسلمين، والتي حصلت عن طريق اليانصيب، وهذا من باب أوْلَى.
ومع ذلك فإن من مصلحة المراكز والجمعيات الإسلامية في الغرب، أن تحافظ على استقلاليتها المالية قدر الإمكان.
ولذا فنقترح ألا يبلغ الدعم الحكومي للمراكز الإسلامية أو الجمعية الإسلامية نسبة ٥٠٪ من ميزانيتها بحال من الأحوال، وأن يتم تمويل الباقي من الموارد الذاتية للمسلمين في المنطقة؛ وذلك لسببين:
الأول: المحافظة على استقلالية المركز الإسلامي وشخصيته.
الثاني: مراعاة للخلاف في هذه المسألة.
فبالرغم من أن القول بالجواز هو الأرجح، إلا أن هذا لا يرفع الخلاف، ولا ينفي بقاء شبهة على الأقل لدى القائلين بخلاف ذلك.
فإذا اقتصرت نسبة الدعم على أقل من النصف، وكان الباقي وهو الأكثر من موارد متفق على مشروعيتها، كان ذلك أدعى للقبول؛ لما تقرر في الأصول من أن العبرة والحكم يكون للغالب، وغالب موارد المركز في هذه الحالة تصبح من مصادر مشروعة.