إهداء ثواب العمل الصالح للغير من الأمور التي تظهر روح الأخوة بين المسلمين،وهي بمثابة ردالجميل للمهدى إليه ،كأب أو أم أو شيخ،أو غير ذلك،ومن هنا كان للمهدي ثواب مماثل كما للمهدى إليه ،وفي ذلك تشجيع من الإسلام وحث للمؤمنين أن يهدوا ثواب أعمالهم لغيرهم ممن لهم فضل على الإنسان بعد الله تعالى،وفي إهداء الثواب للحي.
وقد أجابت الهيئة الشرعية لبيت الزكاة الكويتي عن هذا الموضوع بما يلي:
الصدقات وفعل الخيرات من أنواع البر المختلفة التي يثيب الله تعالى فاعلها عنها إن قدمها خالصة لله تعالى ، فإذا أهدى ثوابها إلى أبويه أو أحدهما أو غيرهما من المسلمين جاز ، وكان للمهدى إليه من الثواب مثل ما للمُهدي ، دون أن ينقص من أجر وثواب المهدى شيء ، يستدل لذلك بما جاء من أن النبي ( ضحى بكبشين أملحين أحدهما عن نفسه والآخر عن أمته ) وبما جاء عن النبي ﷺ قال ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ) ولأنه لا فارق في المهدى إليه أن يكون حياً أو ميتاً ، وهذا في حق وصول الثواب إليه ، وهو من أعمال البرّ .(انتهى).
وتكلم الفقهاء في إهداء ثواب العمل للميت،هل هو مشروع أم لا.
وقد تحدث الإمام ابن قدامة من فقهاء الحنابلة عن هذه المسألة،فقال: وأي قربة فعلها , وجعل ثوابها للميت المسلم , نفعه ذلك , إن شاء الله , أما الدعاء , والاستغفار , والصدقة , وأداء الواجبات , فلا أعلم فيه خلافًا , إذا كانت الواجبات مما يدخله النيابة , وقد قال الله تعالى : { والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان } . وقال الله تعالى : { واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات } .
” ودعا النبي ﷺ لأبي سلمة حين مات” , وللميت الذي صلى عليه في حديث عوف بن مالك , ولكل ميت صلى عليه ، ولذي النجادين حتى دفنه .
وشرع الله ذلك لكل من صلى على ميت، وسأل رجل النبي ﷺ فقال : يا رسول الله , إن أمي ماتت, فينفعها إن تصدقت عنها ؟ قال : “نعم ”. رواه أبو داود . وروي ذلك عن سعد بن عبادة .
وجاءت امرأة إلى النبي ﷺ فقالت : يا رسول الله , إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا , لا يستطيع أن يثبت على الراحلة , أفأحج عنه ؟ قال : أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيته ؟ قالت : نعم . قال : فدين الله أحق أن يقضى .
وقال للذي سأله : إن أمي ماتت, وعليها صوم شهر , أفأصوم عنها ؟ قال : نعم .
وهذه أحاديث صحاح , وفيها دلالة على انتفاع الميت بسائر القرب ; لأن الصوم والحج والدعاء والاستغفار عبادات بدنية , وقد أوصل الله نفعها إلى الميت, فكذلك ما سواها.
وروى عمرو بن شعيب , عن أبيه , عن جده , أن رسول الله ﷺ قال لعمرو بن العاص :” لو كان أبوك مسلمًا , فأعتقتم عنه , أو تصدقتم عنه , أو حججتم عنه , بلغه ذلك ” . وهذا عام في حج التطوع وغيره , ولأنه عمل بر وطاعة , فوصل نفعه وثوابه, كالصدقة والصيام والحج الواجب .
وقال الشافعي : ما عدا الواجب والصدقة والدعاء والاستغفار , لا يفعل عن الميت, ولا يصل ثوابه إليه ; لقول الله تعالى:{وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} .
وقول النبي ﷺ : “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية , أو علم ينتفع به من بعده , أو ولد صالح يدعو له ” . ولأن نفعه لا يتعدى فاعله , فلا يتعدى ثوابه.
وقال بعضهم : إذا قرئ القرآن عند الميت, أو أهدي إليه ثوابه, كان الثواب لقارئه , ويكون الميت كأنه حاضرها، فترجى له الرحمة . وأنه إجماع المسلمين ; فإنهم في كل عصر ومصر يجتمعون ويقرءون القرآن , ويهدون ثوابه إلى موتاهم من غير نكير .
ولأن الحديث صح عن النبي ﷺ : ” إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه ” . والله أكرم من أن يوصل عقوبة المعصية إليه , ويحجب عنه المثوبة.
انتهى
وعليه فيجوز للإنسان أن يهب ثواب أي عمل للميت،سواء كان صياما أو قراءة قرآن أو حج ،ونحو ذلك.