السقط :هو من ينزل من المرأة ذكرا كان أو أنثى قبل تمامه، وله مجموعة من الأحكام الفقهية من حيث تسميته وغسله والصلاة عليه، وما يتعلق بطهارة أمه وعدتها ، وميراثه والجناية عليه، ومغفرته لوالديه، ومصيره يوم القيامة .

تعريف السقط:
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :
السقط لغة :الولد ذكرا كان أو أنثى يسقط قبل تمامه وهو مستبين الخلق , يقال : سقط الولد من بطن أمه سقوطا فهو سقط . ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي .

من أحكام السقط

التسمية:  جاء في المغني :
( فإن لم يتبين , أذكر هو أم أنثى , سمي اسما يصلح للذكر والأنثى ) هذا على سبيل الاستحباب ; لأنه يروى عن النبي أنه قال ( سموا أسقاطكم , فإنهم أسلافكم ) رواه ابن السماك بإسناده قيل : إنهم إنما يسمون ليدعوا يوم القيامة بأسمائهم . فإذا لم يعلم هل السقط ذكر أو أنثى , سمي اسما يصلح لهما جميعا ; كسلمة , وقتادة , وسعادة , وهند , وعتبة , وهبة الله ونحو ذلك .

وجاء في الموسوعة الفقهية : قد اختلف الفقهاء في تسمية السقط . قال صاحب الفتاوى الهندية : من ولد ميتا لا يسمى عند أبي حنيفة خلافا لمحمد رحمهما الله تعالى . والمشهور عند المالكية أن السقط لا يسمى . ويرى الشافعية , كما قال النووي في الروضة : أن تسمية السقط لا تترك . وفي النهاية : يندب تسمية سقط نفخت فيه الروح .

ما يتعلق بالسقط من حيث الطهارة والعدة

إذا نزل السقط تام الخلقة ترتبت عليه الأحكام التي تترتب على الولادة من حيث أحكام النفاس وانقضاء العدة , وكذلك إن ألقت مضغة تبين فيه خلق إنسان , وأما إذا ألقت مضغة لم يتبين فيها التخلق أو ألقت علقة ففي ذلك خلاف .

و جاء في أحكام القرآن لابن العربي: إن عدة المرأة تنقضي بالسقط الموضوع , ذكره إسماعيل القاضي , واحتج عليه بأنه حمل , وقد قال الله : وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) الطلاق 4 , وكذلك قال : لا تكون به أم ولد , ولا يرتبط شيء من الأحكام به , إلا أن يكون مخلقا لقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) سورة الحج 5  , فيطلق عليه أنه خلق , كما أنه حمل .

نزول السقط بسبب الجناية على أمه

إذا اعتدى على الحامل فأسقطت جنينها حيا ثم مات ففيه دية النفس , فإن أسقطته ميتا وقد تبين فيه خلق الإنسان ففيه غرة عبد أو أمة ، فإن لم يجد فنصف عشر الدية الكاملة .

حكم تغسيل والصلاة عليه

اتفق الفقهاء على أنه إذا استهل المولود غسل وصلي عليه إجماعا , وفيما عدا ذلك خلاف .

و جاء في أحكام القرآن لابن العربي : قال المغيرة بن شعبة : إنه كان يأمر بالصلاة على السقط , ويقول : سموهم واغسلوهم , وكفنوهم وحنطوهم , فإن الله أكرم بالإسلام صغيركم وكبيركم , ويتلو هذه الآية : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} سورة الحج 5 , أي لم يستتم سائر خلقها , فإن الله يبعثها يوم القيامة خلقا تاما .

جاء في الموسوعة الفقهية :
اتفق الفقهاء على أن السقط إذا استهل ثبتت له أحكام الحي وحقوقه , ومنها وجوب غسله وتكفينه والصلاة عليه , لما روى جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أن النبي قال : (إذا استهل الصبي ورث وصلي عليه) . واختلفوا في السقط إن لم يستهل : فقال الحنفية : السقط إن لم يستهل غسل وسمي – في الأصح المفتى به على خلاف ظاهر الرواية – إكراما لبني آدم , وأدرج في خرقة ودفن ولم يصل عليه سواء أكان تام الخلق أم لا . وقال المالكية : يكره غسل سقط لم يستهل صارخا , ولو تحرك أو عطس أو بال أو رضع , إلا أن تتحقق الحياة بعلامة من علاماتها فيجب غسله , ويغسل دم السقط الذي لم يستهل ويلف بخرقة ويوارى . وقال الشافعية : إن لم يستهل السقط ولم يتحرك , فإن لم يكن له أربعة أشهر كفن بخرقة ودفن , وإن تم له أربعة أشهر ففيه قولان : قال في القديم : يصلى عليه لأنه نفخ فيه الروح فصار كمن استهل .

ميراث السقط

لا يرث السقط إلا إذا استهل بدليل قول النبي : (إذا استهل الصبي ورث وصلي عليه) هذا مع اختلاف الفقهاء فيما يكون به الاستهلال . فإذا نزل السقط ميتا فلا يرث .

شفاعة السقط لأبويه

جاء في طرح التثريب لعبد الرحيم العراقي الشافعي عن علي رضي الله عنه مرفوعا (إن السقط ليراغم ربه إذا أدخل أبويه النار فيقال أيها السقط المراغم ربه أدخل أبويك الجنة فيجرهما بسرره حتى يدخلهما الجنة ) .

مصير السقط يوم القيامة

جاء في الأثر السابق أن السقط سيبعث وسوف يدخل أبويه الجنة، وورد أنه لابد أن يسمى باسم ، وذلك حتى ينادى عليه به يوم القيامة فإن لم يكن سيبعث فما جدوى التسمية .

وجاء في رد المحتار على الدر المختار الحنفي :

إنه إن نفخ فيه الروح حشر , وإلا فلا . والذي يقتضيه مذهب أصحابنا ( الحنفية ) أنه إن استبان بعض خلقه فإنه يحشر , وهو قول الشعبي وابن سيرين .

كما أن الآيات والآحاديث الواردة في البعث تدل على أن الله تعالى سيبعث كل خلقه والسقط من خلق الله تعالى ، ومن الأدلة على ذلك :

قوله تعالى: “كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ” سورة الأنبياء: 104.

وقوله تعالى : “وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيهِ…” سورة الروم: 27. وأهون أي: هَيِّن .

وقوله تعالى: “وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ…” سورة يس: 78 .

وعن كعب بن مالك – رضي الله عنه – أن النبي – – قال: “إنما نسمة المؤمن طير يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه” (‏النسمة: أي روح المؤمن الشهيد- ‏قاله القرطبي)[أخرجه مالك وأحمد والنسائي وابن ماجه والبيهقي بسند صحيح .

وعن أبي رزين العقيلي قال: قلت يا رسول الله: كيف يعيد الله الخلق وما آية ذلك؟! قال: “أما مررت بوادي قومك جدبًا، ثم مررت به يهتز أخضرَ”؟! قال: نعم. قال” فتلك آية الله في خلقه، كذلك يحيي الله الموتى” [أخرجه أحمد وأبو الحسن رزين بن معاوية والطبراني .
والمعنى: أما مررت بوادي قومك حال خلوه من النبات، ثم مررت به بعد أن اخضرَّ بالنبات؟ كذلك يحيي الله الموتى يوم القيامة .