السنة أن تكون العقيقة في اليوم السابع فليحرص المسلم على أدائها في هذا اليوم؛ فإن لم تتهيأ في السابع فمن أوجبها فلا تسقط عنده، ومن استحبها رأى جواز إيقاعها في اليوم الرابع عشر، فإن لم يكن ففي الواحد والعشرين ولا يتجاوز ذلك، وبعض العلماء تجاوز بها ذلك.
غير أنه لم يأت في السنة ما يفيد مشروعيتها في أي وقت شاء المسلم، وأكثر ما جاء، حديث تكلم العلماء على صحته يفيد أنها إذا فاتت في السابع ففي الرابع عشر، وإلا ففي الواحد والعشرين.
حكم ذبح العقيقة بعد اليوم السابع:
يقول الدكتور حسام عفانه – في كتاب المفصل في أحكام العقيقة -:
للفقهاء في هذه المسألة ثلاثة أقوال:
القول الأول: لا يجوز ذبح العقيقة بعد اليوم السابع وهذا هو المشهور من مذهب الإمام مالك وبه قال الأمير الصنعاني والمباركفوري وصاحب عون المعبود.
ودليلهم الأحاديث التي وقع فيها تحديد وقت ذبح العقيقة باليوم السابع، قال المباركفوري:[ والظاهر أن العقيقة مؤقتة باليوم السابع، فقول مالك هو الظاهر والله تعالى أعلم، وأما رواية السابع الثاني والسابع الثالث فضعيفة.
القول الثاني: يجوز ذبح العقيقة في السابع الثاني – اليوم الرابع عشر- وفي السابع الثالث – الحادي والعشرين – ولا يجوز بعد ذلك. ونقل عن عائشة وإسحاق وهذا قول في مذهب الإمام الشافعي وهو رواية ابن حبيب عن الإمام مالك، وقيده الحافظ ابن عبد البر بالسابع الثاني فقط كما رواه ابن وهب عن مالك .
وهو رواية عن الإمام أحمد:[ قال صالح بن أحمد: قال أبي في العقيقة تذبح يوم السابع فإن لم يفعل ففي أربعة عشر فإن لم يفعل ففي أحد وعشرين] .
وقال الإمام الترمذي بعد أن ساق حديث سمرة:[ والعمل على هذا عند أهل العلم يستحبون أن يذبح عن الغلام العقيقة يوم السابع فإن لم يتهيأ يوم السابع فيوم الرابع عشر فإن لم يتهيأ عق عنه يوم إحدى وعشرين ]
وقال عطاء : إن أخطأهم أمر العقيقة يوم السابع أحببت أن يؤخروه إلى يوم السابع الآخر .
وقال ابن وهب من المالكية لا بأس أن يعق عنه في السابع الثالث.
وحجة هؤلاء ما رواه البيهقي بسنده عن إسماعيل بن مسلم عن قتادة عن عبد الله ابن بريدة عن أبيه عن النبي قال :( العقيقة تذبح لسبع ولأربع عشرة ولإحدى وعشرين ) رواه البيهقي ،وذكر الحافظ ابن حجر أن الطبراني أخرجه من رواية إسماعيل بن مسلم عن عبد الله بن بريدة وإسماعيل ضعيف وذكر الطبراني أنه تفرد به ، فالحديث ضعيف كما قال الشيخ الألباني ، وورد هذا الحديث موقوفاً على عائشة رواه الحاكم في المستدرك بسنده عن عطاء عن أم كرز وأبي كرز قالا :( نذرت امرأة من آل عبد الرحمن بن أبي بكر إن ولدت امرأة عبد الرحمن نحرت جزوراً . فقالت عائشة رضي الله عنها : لا بل السنة أفضل عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة تقطع جُدولاً ولا يكسر لها عظم فيأكل ويطعم ويتصدق وليكن ذلك يوم السابع فإن لم يكن ففي أربعة عشر فإن لم يكن ففي إحدى وعشرين ) وقال الحاكم : صحيح الإسناد ووافقه الذهبي .
وقال الشيخ الألباني :[رجاله كلهم ثقات معروفون رجال مسلم غير إبراهيم بن عبد الله وهو السعدي النيسابوري وهو صدوق كما قال الذهبي في الميزان . وغير أبي عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني وهو حافظ كبير مصنف ويعرف بابن الأحزم توفي سنة 344 هـ له ترجمة في التذكرة 3/76-77 . قلت – الألباني – : وعلى هذا فظاهر الإسناد الصحة ولكن له عندي علتان ] ثم ذكر أن فيه انقطاعاً وشذوذاً وإدراجاً .
وحجتهم في هذا الحديث أن هذا تقدير والظاهر أن عائشة لا تقول ذلك إلا توقيفاً .
القول الثالث : تجوز العقيقة في أي وقت كان بعد اليوم السابع مع مراعاة الأسابيع على رواية عند الحنابلة وبه قال أبو عبد الله البوشنجي من أئمة الشافعية .
وبدون مراعاة الأسابيع أي على حسب الإمكان وبدون تحديد عند الشافعية في المختار عندهم ، قال الإمام النووي: [مذهبنا أن العقيقة لا تفوت بتأخيرها عن اليوم السابع وبه قال جمهور العلماء منهم عائشة وعطاء وإسحاق].
قال في كفاية الأخيار :[والمختار أن لا يتجاوز بها النفاس فإن تجاوزته فيختار أن لا يتجاوز بها الرضاع فإن تجاوز فيختار أن لا يتجاوز بها سبع سنين فإن تجاوزها فيختار أن لا يتجاوز بها البلوغ] .
وهو رواية أخرى عند الحنابلة قال المرداوي :[ تنبيه : مفهوم قوله :[ فإن فات] يعني لم تكن في سبع [ ففي أربع عشرة فإن فات ففي إحدى وعشرين ] أنه لا يعتبر الأسابيع بعد ذلك ، فيعق بعد ذلك في أي يوم أراد وهو أحد الوجهين . وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وصححه ابن رزين في شرحه . قلت وهو الصواب . قال في الرعاية الكبرى :[ فإن فات ففي إحدى وعشرين أو ما بعده] . قال في الكافي :[فإن أخرها عن إحدى وعشرين ذبحها بعده ، لأنه قد تحقق سببها] .
وقال الشيخ ابن قدامة المقدسي :[وإن ذبح قبل ذلك أو بعده أجزأه، لأن المقصود يحصل، وإن تجاوز أحداً وعشرين احتمل أن يستحب في كل سابع فيجعله في ثمانية وعشرين، فإن لم يكن ففي خمسة وثلاثين، وعلى هذا قياساً على ما قبله، واحتمل أن يجوز في كل وقت لأن هذا قضاء فائت، فلم يتوقف – كذا والصواب لم يتوقت – كقضاء الأضحية وغيرها ].
وهو قول ابن حزم الظاهري والليث بن سعد ومحمد بن سيرين.
قال الحافظ ابن عبد البر:[ وقال الليث: يعق عن المولود في أيام سابعه كلها في أيها شاء منها، فإن لم تتهيأ لهم العقيقة في سابعه فلا بأس أن يعق عنه بعد ذلك، وليس بواجب أن يعق عنه بسبعة أيام ].
وقال ابن حزم :[ فإن لم تذبح في اليوم السابع ذبح بعد ذلك متى أمكن فرضاً ].