العرف الفاسد لا يجوز أن يعلو على الحق ويسود، فشيوع الفساد وقناعة الناس ورضاهم به ليس مبررا للعدول عن الحق بزعم مجاراة الناس على ما اعتادوا عليه وألفوه، بل على صاحب الحق أن يعتز بتمسكه بالحق وأن يبذل أقصى وسعه وطاقته لتغيير هذه الأعراف الفاسدة.
والتزام المسلم بدينه وشريعته أمر واجب في كل الأوقات، ولا يجوز للمسلم –وكذلك المسلمة- بحال أن يتنازل ويتهاون في أمر دينه إذا كان الناس قد ألفوا المنكر، وماتت في قلوبهم الحمية والغيرة على حرمات الله، فالخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، ولا يترتب عليها أي حقوق شرعية سوى أنه لا يجوز لأحد أن يخطب على خطبة الخاطب، وما عدا ذلك فالمخطوبة أجنبية عن خاطبها حتى يتم العقد الشرعي، وعلى هذا فلا يجوز بحال أن نتجاوز حدود الله ونعتدي على حرماته ” تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ” –النساء: 229- “وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ” الطلاق: 1
وعلى هذا فعلى الخاطبين كلاهما أو أحدهما أن يحسموا الأمر أمام الأهل، وإذا كان الناس قد اعتادوا أن يقوم الخاطب بتقديم الشبكة في مثل هذه المناسبة فلا يجوز للخاطب أن يمس يد مخطوبته طالما أنه لم يتم العقد الشرعي، أما ما يحدث من مخالفات في مثل هذه المناسبات والتبرير لذلك بأنها ليلة في العمر وأن الفتاة لن تخطب كل يوم وأنها لن تتزوج كل يوم إلى آخر هذه الذرائع الفاسدة والحجج الواهية التي نتجرأ بها على حرمات الله ونبارز الله فيها بالمعاصي، فالإسلام من كل هذا بريء، وما أحوج الغيورين على دينهم أن يظهروا أخلاق الإسلام في مثل هذه المناسبات وفي غيرها وأن يرى الناس كيف تكون أفراحنا عبادة وطاعة لله عز وجل ويباركها الله من فوق سبع سماوات .
وإن كان لا محالة أن تلبس المخطوبة الذهب أو غيره الذي يقدمه الخاطب فلتقم بذلك أي واحدة من الحاضرات -قريبة كانت أو مدعوة -، وإذا لم ير الناس منا الترجمة العملية لأخلاق الإسلام وتعاليمه في مثل هذا المناسبات فمتى إذن؟!
أيها المسلم أيتها المسلمة لا خير في أمر يبدأ بمعصية الله عز وجل، وإذا كان إصراركم على عدم لمسكم ليد بعضكم أمر يثير الغرابة والإنكار فلا ضير فقد أخبر رسول الله –ﷺ- عن هذا الواقع المرير الذي نعيشه فقال – ﷺ- “بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء”رواه مسلم وغيره .