يقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر ـ رحمه الله ـ في كتابه أحسن الكلام في الفتوى والأحكام:
روى أصحاب السنن وصحَّحه الترمذي عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله ـ ﷺ ـ إذا دخل الخَلاء نَزَع خاتَمَه ، وقد صحَّ أن نقْش خاتَمه كان “محمد رسول الله” وذلك أن بيوت الخلاء مستقذَرة، وتأوِي إليها الشياطين والحشرات والهَوَام، ولذلك كان النبي ـ ﷺ ـ إذا أراد أن يدخلها يقول “اللهمَّ إني أعوذ بك من الخُبُث والخبائث” رواه البخاري ومسلم، والخُبُث ـ بضم الخاء والباء ـ جمع خبيث، والخبائث جمع خبيثة، والمراد بهم ذكور الشياطين وإناثهم، وليس من اللائق أن تُوضع الأشياء الكريمة أو يُدْخل بها في مثل هذه الأمكنة .
هذا هو حكم الدخول بأي شيء فيه اسم الله مثل ” ما شاء الله” أما الدخول بالقرآن أو بآية منه فقال الأحناف والشافعية بكراهته، وقال المالكية والحنابلة بحُرْمَته، وذلك لمجرد الدخول إذا كان حامله طاهرًا أما إذا كان غير طاهر من الحدثين فإنه يحرُم حمْله بصرف النظر عن الدخول وعدم الدخول به في بيت الخلاء، وذلك عند الشافعية .
ثم قالوا: مَحَلُّ حُرْمَة الدخول أو كراهته إذا لم يكن القرآن مستورًا بما يمنع وصول الرائحة الكريهة إليه ولم يُخَف الضياع عليه، فإن اتُّخذ كحجاب مُجلد، أو خاف ضياعه أو ضياع الحِلية المكتوب عليها القرآن جاز الدخول به.
فالمرأة الحاملة لحِلية فيها القرآن إن كانت في بيتها يجب أو يُستحب أن تخلعها عند دخول بيت الخلاء، وذلك للأمن عليها . أما إذا كانت في سَفر أو مَحلٍّ عام أو في محلِّ عمل فيه غيرها وخافت عليها الضياع لو خلعتها فلا بأس بدخول بيت الخلاء وهي لابسة لها.
انظر : كتاب الفقه على المذاهب الأربعة نشر وزارة الأوقاف،ونيل الأوطار للشوكاني ج1 ص 85 ، 86، والفتاوى الإسلامية، المجلد الخامس ص 1599.