قال العلماء: إن الكافر لا يُثاب على عمل الخير كما قال سبحانه (وقَدِمْنَا إلَى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا) (الفرقان: 23)، وثوابه يكون في الدنيا بمِثل حبِّ النَّاس له وتكريمه وما يتْبعه من نفع مادي.
ولو تبرَّع الكافر للمسجد ببناء أو تجهيز أو غيرهما هل يَقبل المسلمون منه هذا التبرُّع؟ لقد نص فقهاء المذاهب الأربعة على إباحة التعامل مع غير المسلمين حتى في التبرُّع لعمارة المساجد، وما جاء في الحديث إن الله طيِّب لا يَقبل إلا طيبًا لا تدْخل تحته هذه المسألة؛ لأن قَبول الله للطيِّب يَعني الثَّواب عليه، ولا ثواب لغير المسلم في الآخرة كما نصَّت عليه الآية المذْكورة.
وصرَّح الإمام الشافعي بجواز وصية غير المسلم ببِناء مسجد للمسلمين، وكذلك الوقف منه للمسجد، حتى لو لم يعتقدْه من القرُبات، وذلك لاعتبارنا نحن أن الوقف للمسجد قربة، قال صاحب كفاية الأخيار (ج2ص30): ويجوز للمسلم والذِّمي الوصية لعمارة المسجد الأقصى وغيره من المساجد.
وفي كتب الأحناف أن وصايا غير المسلم ووقْفه على إعمار وإنارة بيت المقدس جائزة، وكذلك بناؤه مسجدًا لقوم معيَّنين من المسلمين ولو جعل داره مسجدًا للمسلمين وأَذِن لهم بالصلاة فيها جازت الصلاة فيها.
وجاء في المغني لابن قدامة صحَّة وصية الذمِّي للمسلم، وفي فقه المالكية خلاف في قَبول وقف غير المسلم على المساجد وأمثالها، وصحَّح العَدَوي جواز ذلك على القُرَب “انظر فتاوى الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق ـ نشْر مجلة الأزهر ـ في رجب 1412”.