الدنيا جزء من العالم الذي خلقه الله، والعالم كل ما سوى الله من حيوان ونبات وجماد، وملائكة وأرواح وجنة ونار، وغير ذلك وهذا الخلق أثر من آثار صفاته التي تحقق له الألوهية، خلقه بقدرته وبإرادته وأبدعه بعلمه وبحكمته، وبسط سلطانه عليه بالأمر والنهي والثواب والعقاب. (لَا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ) (سورة الأنبياء : 23).
والدنيا هي الحياة الأولى قبل الحياة الآخرة، وهي حياة فانية كما قال سبحانه عندما أهبط آدم إلى الأرض: (قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٌ) (سورة الأعراف : 24).
وهي دنيا في المكانة والمنزلة بالنسبة للأخرى التي فيها النعيم الدائم الخالد للمؤمنين، والعذاب الدائم الخالد للكافرين: (قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قلِيلٌ والْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا) (سورة النساء : 77).
والدنيا مزرعة للآخرة، وهي دار تكليف يُجازى على العمل فيها بالثواب والعقاب، وهي ليست مذمومة على كل حال إلا فيما نهى الله عنه، كما في الحديث “الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذِكْرَ الله وما والاه وعالم أو مُتعلم” رواه الترمذي وغيره وقال حسن صحيح.
وفي كلام الإمام علي: “الدنيا دار صدق لمن صدقها ودار عافية لمن فهم عنها ودار غنى لمن تزود منها، مسجد أنبياء الله ومهبط وحيه ومصلَّى ملائكته ومُتجر أوليائه، اكتسبوا فيها الرحمة وربحوا فيها الجنة” … (انظر المحاسن والمساويء للبيهقي جـ 2 ص44).
هذا بعض تفسير للسر في خلق الله للدنيا، وهو سبحانه أعلم بالحقيقة ولا معنى للانشغال بذلك فالمهم هو العمل الصالح فيها لنسعد به في حياتنا الآخرة التي هي المصير الحتمي لكل من يعيش في هذا العالم.