صلاة الجنازة فرض كفاية على جماعة المسلمين الأحياء، إن أداها البعض منهم سقط الإثم عن الباقين، وهي من خصائص هذه الأمة، كالإيصاء بالثلث. وقد صلى الصحابة على النبي، وأمر النبي بالصلاة على السقط والطفل، وصلى النبي على النجاشي. ويشترط لها ما يشترط للصلاة، وهي أربع تكبيرات بقيام واحد بلا ركوع فيه ولا سجود .
ماذا يقرأ في صلاة الجنارة؟
صلاة الجنازة أربع تكبيرات بلا ركوع ولا سجود، وجاء في سنن صلاة الجنازة كيفية أدائها وما يقرأ بعد كل تكبيرة منها على ما ياتي:
بعد التكبيرة الأولى يتعوذ، ويسمي، ويقرأ الفاتحة سراً، وأحياناً يقرأ معها سورة.
ويصلي على النبي ﷺ بعد التكبيرة الثانية وأفضل الصلوات الصلاة الإبراهيمية: ((اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صلِّيت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد)). متفق عليه.
وفي التكبيرة الثالثة يدعو بإخلاص للميت بالمغفرة والرحمة ويستحب أن يدعو بما ورد فغي السنة الصحيحة، ومنه:
((اللهم اغفر لحيِّنا وميِّتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحْيِه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفَّه على الإيمان، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تضلنا بعده)). أخرجه أبو داود وابن ماجه
((اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نُزُلَه، ووسع مُدخَله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقِّه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر (أو من عذاب النار))). أخرجه مسلم.
((اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِ من فتنة القبر، وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، فاغفر له وارحمه، إنك أنت الغفور الرحيم)). أخرجه أبو داود وابن ماجه.
وإن كان الميت صغيراً زاد: ((اللهم اجعله لنا سلفاً، وفَرَطاً، وأجراً، وذُخراً)). أخرجه البيهقي.
يكبر الرابعة ويقف قليلاً يدعو، ثم يسلم واحدة عن يمينه، وإن سلم ثانية عن يساره أحياناً فلا بأس.
والدُّعاء بين التكبيرة الأخيرة والتسليم مشروع؛ لحديث أبي يعفور عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: “شهدته وكبر على جنازة أربعاً، ثمّ قام ساعةً -يعني- يدعو، ثمّ قال: أَتَرَوْنِي كنت أكبِّر خمساً؟ قالوا: لا. قال: إِنّ رسول الله ﷺ كان يُكبّر أربعاً” أخرجه البيهقي وسنده صحيح
دعاء صلاة الجنازة
هناك مجموعة من الأدعية المأثورة الجامعة يستحب الدعاء بها للميت منها:
- اللهمّ اغفر له وارحَمه، وعافِه واعفُ عنه، وأكرم نُزُله، ووسِّع له مُدخله، واغسِله بالماء والثَّلج والبَرَد، ونقِّه من الخَطايا كما نقَّيت الثوبَ الأبيض من الدَّنس، وأبدِلْه داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زَوجه، وأدخله الجنَّة، وأعِذْه من عَذاب القَبر ومِن عَذاب النَّار رواه مسلم .
- « اللَّهمَّ اغفِر لحيِّنا وميِّتنا، وشاهِدنا وغائبنا، وصَغيرنا وكَبيرنا، وذَكرنا وأُنثانا، اللهمَّ من أحييته مِنَّا فَأحيِه على الإِسلام، ومَن توفَّيْتَه منّا فَتَوفَّه على الإِيمان. اللهمَّ لا تَحرمنا أجره، ولا تُضلنا بعَده ». رواه مسلم والأربعة .
ما هي شروط صلاة الجنازة؟
يشترط لصلاة الجنازة ما يشترط لبقية الصلوات من طهارة (البدن والثوب والمكان)، وستر العورة، واستقبال القبلة، والنية. لكن يزاد على هذه الشروط شروط أخرى منها:
إسلام الميت والمصلي
يشترط أن يكون الميت مسلما بارا كان أو فاجرا، فلا تجوز الصلاة على الميت الكافر ولا المرتد. لقوله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة 84]، وكذلك لا تصح صلاة الجنازة من كافر أو مرتد وغيرهم.
طهارة الميت من النجاسات
يشترط لصلاة الجنازة أن يكون الميت طاهرا من نجاسة حكمية وحقيقية في البدن، فلا تصح على من لم يغسل، ولا على من عليه نجاسة، وهذا الشرط عند الإمكان فلو دفن بلا غسل ولم يمكن إخراجه إلا بالنبش سقط الغسل وصلي على قبره بلا غسل للضرورة بخلاف ما إذا لم يهل عليه التراب، فإنه يخرج ويغسل ويصلى عليه. ولو صلي عليه بلا غسل جهلا مثلا، ثم دفن ولا يخرج إلا بالنبش أعيدت الصلاة على قبره استحسانا.
حضور الميت بين يدي المصلي
يشترط أن يكون الميت الذي يراد الصلاة عليه حاضرا بين يدي المصلي إن كان بالبلد، فإن كان في غير البلد فهل تصح صلاة الغائب عليه؟ هذه الجزئية سيأتي الحديث على حكم الصلاة على الغائب.
وقد اشترط الحنفية لصلاة الجنازة أن تكون الجنازة على الأرض، وذهب الجمهور إلى عدم اشتراط ذلك، بل يجوز أن تكون الجنازة على الدابة ويصلي عليها وهذا هو الصحيح.
حكم الصلاة على الغائب
يجوز أن يصلى على الغائب إذا ثبت أنه لم يصل عليه أو كان الميت ممن كان فيه منفعة للمسلمين؛ كعالم نفع الناس بعلمه، أو تاجر نفع الناس بماله، ومجاهد نفع الناس بجهاده، وغير ذلك، فيصلى عليه؛ شكرًا له وردًا لجميله وتشجيعًا لغيره على أن يفعل مثل ما فعل. وهذا القول هو الأولى بالحكم في صلاة الغائب وهو من اختيارات الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى وغيره.
قال شيخ الإِسلام ابن تيمية: “الصواب: أنّ الغائب إِن مات ببلدٍ لم يُصَلَّ عليه فيه، صُلّي عليه صلاةَ الغائب، كما صلّى النّبيّ ﷺ على النجاشي؛ لأنه مات بين الكُفار ولم يصلَّ عليه. وإنْ صُلّي عليه -حيث مات- لم يصلَّ عليه صلاة الغائب؛ لأنّ الفرض سقط بصلاة المسلمين عليه، والنّبيّ ﷺ صلّى على الغائب وتَرَكَهُ، وفِعْلُهُ وتَرْكُه سُنّة، وهذا له موضع.
كم تكبيرة في صلاة الجنازة
هناك أربعة تكبيرات في صلاة الجنازة بدون ركوع ولا سجود ويصلي كما يلي:
يَنوي فعل الصلاة .
يكبِّر مع رَفع يَديه ثم يقرأ الفاتحة .
يكبر التَّكبيرة الثانية مع رفع اليدين، ثم يصلي على النبي ﷺ (الصلاة الإِبراهيمية ).
يكبِّر التكبيرة الثالِثة مع رفع اليدين، ثم يدعو للميت بما شاء
يكبِّر مع رفع اليَدين التَّكبيرة الرابعة، ثم يقول: « اللهمّ لا تَحرمنا أجره ولا تَفْتِنّا بعَده ». – رواه الترمذي وأبو داود
ثم يُسلِّم .
كيفية صلاة الجنازة على الرجل
إذا أراد المسلم أن يؤدي صلاة الجنازة على الميت المسلم فإنه يلزمه هذه الخطوات الآتية كما جاء الأمر بها في السنة الصحيحة:
الطهارة واستقبال القبلة للصلاة
يتوضأ من أراد الصلاة على الميت، ويستقبل القبلة، ويجعل الجنازة بينه وبين القبلة. السنة أن يقوم الإمام عند رأس الرجل الميت، وعند وسط المرأة، ويكبر أربعاً، وأحياناً يكبر خمساً، أو ستاً، أو سبعاً، أو تسعاً، خاصة على أهل العلم والفضل، والصلاح والتقوى، ومن لهم قدم صدق في الإسلام، يفعل هذا مرة، وهذا مرة، إحياء للسنة.
قراءة الفاتحة وسورة عقب التكبيرة الأولى
يكبر التكبيرة الأولى رافعاً يديه إلى حذو منكبيه، أو إلى فروع أذنيه، وكذا في بقية التكبيرات، ثم يضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى على صدره ولا يستفتح، ثم يتعوذ، ويسمي، ويقرأ الفاتحة سراً، وأحيانا يقرأ معها سورة، لحديث طلحة بن عبد الله بن عوف قال: “صليّت خلف ابن عباس رضي الله عنهما على جنازة، فقرأ بفاتحة الكتاب [وسورة، وجهر حتى أسمَعَنا، فلمّا فرغ أخذْتُ بيده، فسألته؟ فقال: [إِنما جهرت] ليعلموا أنّها سنة [وحقّ] ” [أخرجه البخاري: 1335 وأبو داود].
وجاء في “الروضة الندية” (1/ 419): “والحاصل: أن الموطن موطن دعاء لا موطن قراءة قرآن، فيتوجه الاقتصار على ما ورد وهو الفاتحة وسورة، ويكون ذلك بعد التكبيرة الأولى، ويشتغل فيما بعدها بمحض الدعاء”.
الإِسرار في القراءة
ويقرأُ هذه الفاتحة سرّاً؛ لحديث أبي أُمامة بن سهل قال: “السنة في الصلاة على الجنازة: أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأمّ القرآن مخافتةً، ثمّ يكبّر ثلاثاً، والتسليم عند الآخرة” [صحيح النسائي].
الصلاة على النّبيّ ﷺ بعد التكبيرة الثانية
ثم يكبر التكبيرة الثانية ويصلي على النبي ﷺ كصلاته في التشهد ، بدليل حديث أبي أُمامة أنه أخبره رجل من أصحاب النّبيّ ﷺ: أنّ السنّة في الصلاة على الجنازة أن يُكبّر الإِمام، ثمّ يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرّاً في نفسه، ثمّ يُصلّي على النّبيّ ﷺ، ويُخلص الدعاء للجنازة في التكبيرات (الثلاث)، لا يقرأ في شيء منهنّ، ثمّ يُسلّم سرّاً في نفسه حين ينصرف عن يمينه، والسنّة أن يفعل من وراءه مثلما فعَل إِمامه” [أخرجه الشافعي في الأم].
ويسن الصلاة على النبي بما ثبت في السنة الصحيحة وهي الصلاة الإبراهيمية التي يأتي بها في القعدة الأخيرة من ذوات الركوع: ((اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صلِّيت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد)). متفق عليه.
الدعاء للميت بإخلاص في التكبيرة الثالثة
ثم يكبر التكبيرة الثالثة رافعًا يديه عند التكبير ثم يدعو للميت، والأفضل أن يكون الدعاء للميت بما ورد عن النبي ﷺ مثل:
- ((اللهم اغفر لحيِّنا وميِّتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحْيِه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفَّه على الإيمان، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تضلنا بعده)). أخرجه أبو داود وابن ماجه.
- ((اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نُزُلَه، ووسع مُدخَله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقِّه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر (أو من عذاب النار))). أخرجه مسلم
- ((اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِ من فتنة القبر، وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، فاغفر له وارحمه، إنك أنت الغفور الرحيم)). أخرجه أبو داود وابن ماجه
- ((اللهم عبدُك وابنُ أَمَتِكِ، احتاج إِلى رحمتك، وأنت غني عن عذابه، إِن كان مُحسناً فزد في حسناته، وإن كان مُسيئاً فتجاوز عنه)) الطبراني وسنده صحيح
- ثمّ يدعو ما شاء الله أن يدعو، وإن دعا بغيره من المأثور فلا بأس، وإن دعا بأي دعاء آخر غير المأثور فلا بأس.
دعاء جامع في صلاة الجنازة
اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ ابْنُ عَبْدِكَ، خَرَجَ مِنْ رَوْحِ الدُّنْيا وسعتها، ومحبوبه وأحبائه فيها، إلى ظُلْمَةِ القَبْرِ ومَا هُوَ لاقيهِ، كانَ يَشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إِلَاّ أنْتَ، وأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، وأنْتَ أعْلَمُ بِهِ، اللَّهُمَّ إنَّهُ نَزَلَ بِكَ وأنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ به، وأصْبَحَ فَقيراً إلى رَحْمَتِكَ، وأنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ، وَقَدْ جِئْنَاكَ رَاغِبِينَ إليك، شُفَعَاءَ لَهُ، اللَّهُمَّ إنْ كَانَ مُحْسِناً فَزِدْ في إِحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئاً فَتَجاوَزْ عنه، وآته بِرَحْمَتِكَ رِضَاكَ، وَقِهِ فِتْنَةَ القَبْرِ وَعَذَابَهُ، وَافْسحْ لَهُ في قَبْرِهِ، وَجافِ الأرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِكَ الأمْنَ مِنْ عَذَابِكَ حتَّى تَبْعَثَهُ إلى جَنَّتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
قال النووي في الأذكار: اختار الإِمام الشافعي رحمه الله هذا الدعاء التقطه من مجموع هذه الأحاديث وغيرها.
التكبيرة الرابعة والتسليم
ثم يكبر التكبيرة الرابعة ويقف قليلًا، ثم يسلم ثمّ يسلّم تسليمتين مثل تسليمه في الصلاة المكتوبة؛ إِحداهما عن يمينه والأخرى عن يساره. فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: “ثلاث خلالٍ كان رسول الله ﷺ يفعلُهُنّ -تركهُنّ الناس-: إِحداهنّ التسليم على الجنازة مثل التسليم في الصلاة [البيهقي بإسناد حسن]
وإن سلم بتسليمة واحدة عن يمينه قائلًا: السلام عليكم ورحمة الله فهو جائز، ووجب على المأموم أن يتابع الإِمام، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: “أنّ رسول الله ﷺ صلّى على جنازة، فكبّر عليها أربعاً، وسلّم تسليمة واحدة [رواه الدارقطني بسند حسن].
كيف تصلي المرأة صلاة الجنازة؟
تصلي المرأة على الجنازة كالرجل؛ لعموم النصوص الواردة في ذلك.
عن عبّاد بن عبد الله بن الزبير: “أنّ عائشة أمرت أن يُمَرَّ بجنازة سعد بن أبي وقاص في المسجد، فتصلي عليه، فأنكر الناس ذلك عليها، فقالت: ما أسرع ما نسِي الناس! ما صلّى رسول الله ﷺ على سهيل ابن البيضاء إِلا في المسجد”.
قال ابن باز رحمه الله تعالى:
الشريعة عامة للنساء والرجال في الصلاة؛ لكن الخروج مع الجنازة إلى المقبرة هذا خاص بالرجال، وهكذا زيارة القبور خاص بالرجال، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن له قيراطان قيل: يا رسول الله، ما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين وهذا يدل على فضل عظيم، وقال أيضًا -عليه الصلاة والسلام-: من تبع جنازة مسلم إيمانًا واحتسابًا، وكان معها حتى يصلى عليها، ويفرغ من دفنها، فإنه يرجع بقيراطين، كل قيراط مثل جبل أحد وهذا فضل عظيم.
هل يجوز صلاة الجنازة بدون وضوء؟
صلاة الجنازة يتناولها لفظ الصلاة، فيشترط فيها الشروط التي تفرض في سائر الصلوات المكتوبة: من الطهارة الحقيقية، والطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، واستقبال القبلة، وستر العورة. وهذا باتفاق الفقهاء. لكنّه إِذا خشي فوات الصلاة؛ فله أن يتيمّم وهو ما اختاره ابن تيمية [مجموع الفتاوى 21/ 456].
وجاء في مجموع الفتاوى: وابن عباس جوّز التيمم للجنازة عند عدم الماء. وهذا قول كثير من العلماء، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد في إِحدى الروايتين، فدل على أن الطهارة تشترط لها عنده
كيف تصلي صلاة الغائب على الميت؟
أما كيفية صلاة الغائب على الميت ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: “أنّ رسول الله ﷺ نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، خرج الى المصلّى؛ فصفّ بهم وكبّر أربعاً” [رواه البخاري ومسلم].
بناء على هذا الحديث فإن صلاة الغائب لا تختلف عن صلاة الجنازة للميت الحاضر بين يدي الإمام والمصلين.
الخاتمة
تعد صلاة الجنازة من الشعائر الهامة في الإسلام، حيث يجتمع المسلمون لتوديع المتوفى بالدعاء وطلب الرحمة والمغفرة من الله. إن هذه الصلاة فرض كفاية، بمعنى أنه إذا قام بها البعض سقط الإثم عن الآخرين، مما يعزز روح التعاون والتكافل في المجتمع الإسلامي. فهي ليست مجرد طقس ديني، بل تعبير عن التضامن والتكاتف مع أهل المتوفى، وتذكير للجميع بالاستعداد للقاء الله. لذا يحرص المسلمون على أداء صلاة الجنازة متى استطاعوا، طمعًا في الأجر والثواب الكبير، إذ قال النبي ﷺ: ‘من شهد الجنازة حتى يُصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تُدفن له قيراطان’.”