التوصل للمسروق يكون عن طريق الوسائل المباحة كالبحث الجنائي وتعقب المجرمين والاعتماد على الأدلة والقرائن ، ولا يكون عن طريق الدجل والسحر ، فمن صور الدجل والشعوذة ما يسمى بضرب وفتح المندل وكذلك التنويم المغناطيسي ، وهما من العلامــات التي يعرف بـها السحرة ، والإسلام لا يجيز استخدام الجن في معرفة الأشياء المسروقة ، ومن يقم بهذا الصنيع يكن كاهنا ، وقد ورد الوعيد الشديد في هذا .
حكم فتح المندل
يقول د عبد الله الفقيه:
فتح المندل للتوصل به إلى سارق المال لا يجوز شرعاً، لأنه ضرب من ضروب العرافة والكهانة وإدعاء معرفة الغيب.
وقد ورد النهي الشديد عن ذلك وتوعد فاعله بأغلظ العقوبات.
-ففي صحيح مسلم عن بعض أزواج النبي ﷺ أن النبي ﷺ قال: “من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوماً”.
-ولأبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: ” من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ”.
-وللبزار والطبراني أن رسول الله ﷺ قال: ” ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهَّن له، أو سحر أو سحر له. ومن أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ”.
قال البغوي: العراف الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة.
وقال ابن تيمية : العراف اسم للكاهن والمنجم والرمَّال، ونحوهم ممن يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق.
ولا يخفى أن فتح المندل يكون بالاستعانة بالجن، وقد قال جل وعلا: ( وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً) [الجن:6] .
حكم الإستعانة بالجن لمعرفة الغيب
قال سماحة الشيخ ابن باز مفتي المملكة السعودية السابق – رحمه الله :
علم المغيبات من اختصاص الله تعالى فلا يعلمها أحد من خلقه لا جني ولا غيره إلا ما أوحى الله به إلى من شاء من ملائكته أو رسله.
-قال الله تعالى : ( قُل لا يَعلَمُ مَن في السَّمَواتِ والأَرضِ الغَيبَ إِلاَّ اللهُ) { النمل 65 }
-وقال تعالى في شأن نبيه سليمان عليه السلام ومن سخر له من الجن : ( فَأعرَضُوا فَأَرسَلنا عَلَيهم سَيلَ العَرِمِ وَبَدَّلنَاهُم بِجنَّتَهِم جَنَّتين ذَواتَى أُكُلٍ خَمطِ وأَثلٍ وشَئِ مِن سَدرٍ قَليلٍ ) { سبأ 16 }.
-وقال تعالى: ( عَالِمُ الغَيبِ فَلا يُظهِرُ علَى غَيبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارتَضَى مِن رسُولٍ فإِنَّهُ يَسلُكُ مِن بينِ يَدَيهِ ومِن خَلفِهِ رَصَداً ) { الجن 26-27 } .
-وثبت عن النواس بن سمعان رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله (ﷺ) :” إذا أراد الله تعالى أن يوحي بالأمر تكلم بالوحي أخذت السموات منه رجفة ـ أو قال: رعدة ـ شديدة خوفاً من الله عز وجل ، فإذا سمع ذلك أهل السموات صعقوا وخروا لله سجداً فيكون أول من يرفع رأسه جبريل فيكلمه الله من وحيه بما أراد ، ثم يمر جبريل بالملائكة كلما مر بسماء قالت ملائكتها ماذا قال ربنا يا جبريل فيقول جبريل : قال الحق وهو العلي الكبير فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل ، فينتهي جبريل بالوحي إلى حيث أمره الله عز وجل ” .
-وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (ﷺ) قال : ” إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله كأنه سلسلة على صفوان فإذا فزع عن قلوبهم قالوا :ماذا قال ربكم ، قالوا للذي قال : الحق وهو العلي الكبير ، فيسمعها مسترق السمع ، ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض ووصف سفيان بكفيه فحرفها وبدد بين أصابعه فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته ثم يلقيها الآخر إلى من تحته حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، وربما ألقاها قبل أن يدرك فيكذب معها مائة كذبة فيقال : أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا ، كذا وكذا فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء .
وعلى هذا لا يجوز الاستعانة بالجن وغيرهم من المخلوقات في معرفة المغيبات لا بدعائهم والتزلف إليهم ولا بضرب مندل أو غيره ، بل ذلك شرك ؛ لأنه نوع من العبادة ، وقد أعلم الله عباده أن يخصوه بها فيقولوا :{إياك نعبد وإياك نستعين }
وثبت عن النبي أنه قال لابن عباس :” إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله ” الحديث .
حكم التنويم المغناطيسي
قال سماحة الشيخ ابن باز – رحمه الله : أما التنويم المغناطيسي فهو ضرب من ضروب الكهانة باستخدام جني حتى يسلطه الساحر على المنوَّم فيتكلم بلسانه ، ويكسبه قوة على بعض الأعمال بالسيطرة عليه إن صدق مع الساحر وكان طوعاً له مقابل ما يتقرب الساحر إليه ويجعل ذلك الجني المنوم طوع إرادة الساحر بما يطلبه منه من الأعمال أو الأخبار بمساعدة الجني له إن صدق ذلك الجني مع الساحر ، وعلى ذلك يكون استغلال التنويم المغناطيسي واتخاذه طريقاً أو وسيلة للدلالة على مكانة سرقة أو ضالة أو علاج مريض أو القيام بأي عمل آخر بواسطة المنوم غير جائز بل هو شرك لما تقدم ، ولأنه التجاء إلى غير الله .