هل فعل النبي ﷺ التلقين كما عند الصوفية
يقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- :
إن مبايعة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم للمؤمنين والمؤمنات ليست تلقين عهد كالعهد المعروف الآن بين أهل الطريق ، أما مبايعة المؤمنين المشار إليها في سورة الفتح ، فهي أنه لما خرج النبي ﷺ بأصحابه لعمرة الحديبية وصدَّه المشركون ، وأرسل إليهم عثمان بن عفان إلى مكة يخبرهم أنهم جاءوا عُمَّارًا لا مقاتلين ، وشاع أنهم قتلوه عزم النبي عليه الصلاة والسلام على مقاتلة القوم ، وبايع أصحابه رضي الله تعالى عنهم على عدم الفرار وعلى الموت ( روايتان ) وبلغ ذلك المشركين فخافوا ، وانتهى الأمر بالصلح المشهور ، وفي ذلك نزل قوله تعالى : (إنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ) الفتح : 10 وقوله عز وجل : (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)الفتح : 18
وأما مبايعة المؤمنات فهي المشار إليها في قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ)الممتحنة : 12 الآية ، ورد أنه عليه الصلاة والسلام بايع المؤمنين مثل هذه المبايعة على السمع والطاعة في العسر واليسر ، والمَنْشَط والمَكْرَه وأُثرته عليهم ، وأن لا ينازعوا الأمر أهله ، وأن يقولوا الحق حيث كانوا لا يخافون الحق في أن هذه البيعة لازمة في عنق كل من يدخل الإسلام ، وهي السمع والطاعة لله ولرسوله وعدم عصيان أولي الأمر في معروف ؛ ولكن هل لأحد من الناس أن يبايع الناس على طاعته غير خليفة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الذي هو إمام المسلمين ؟ كلا ومن يدعيه فعليه البيان .
حكم تلقين العهد عند الصوفية
فأين العهد الذي يقال إن أهل الطريق تناقلوه بالأسانيد الصحيحة إلى النبي ﷺ ، ومن هم الحفَّاظ الذين خرَّجوه .