من شروط الميراث تحقق موت المورث وحياة الوارث حال موته ومن ثم فمن يقوم بتقسيم التركة حال حياته لا يسمى توزيعا للتركة إنما هو هبة لممتلكاته حال حياته وهي جائزة إذا لم يكن فيها جور ، ولم يكن القصد منها حرمان أحد من الميراث.
يقول فضيلة الدكتور محمود عبد الله العكازي -أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر-:
روى الحاكم في مسنده عن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ ﷺ ـ قال: “ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن لينسى شيئًا..” وتلا: (وما كان ربك نسيا).
والتحليل والتحريم حق الله وحده، فهو سبحانه صاحب الحق في أن يحل ويحرم في كتابه أو على لسان رسله، وأن مهمتهم لا تعدو بيان حكم الله فيما أحل وما حرم، وصدق الله القائل: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم)
ومما لاشك فيه أن الإسلام يقدر البواعث الكريمة والقصد الشريف والنية الطيبة في تشريعاته وتوجيهاته كلها، والنبي ـ ﷺ ـ يقول في حديثه الذي رواه البخاري: “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى..” والمسلم عندما يقوم بتقسيم تركته على جميع أبنائه بالتسوية دون تفرقة بين ذكر وأنثى، ورضي الأولاد جميعًا، فإنه يريد لأبنائه بقاء الود بينهم، واستمرار رابطة الأخوة، وهم قد يعينوه على قصده الطيب ونيته الحسنة بموافقتهم جميعًا دون ضجر أو تألم، وهو في الوقت ذاته لم يحرم أي وارث من تركته، وأي قريب آخر غير أبنائه ليس لهم حق بالتركة؛ إذ هم محجوبون من ميراثه بوجود الإبن عند توزيع التركة، وإن كان قد وعد أحد أقاربه بشيء، ولكنه لم ينفذ، فهذا ليس نذرًا يجب الوفاء به على الراجح، بل هو وعد فقط.
ولكن نرجو من أبناء المُتوفى أن يحاولوا جهدهم لإرضاء أي قريب لهم وعده أباهم بشيء ولم يفعل فالحياة كلها زائلة، ومتاعها قليل والآخرة خير وأبقى، وصدق الله القائل:
(وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولاً معروفًا) وليعلموا أن الرحم معلقة بالعرش، تقول: اللهم صل من وصلني، واقطع من قطعني.