إن النصوص التي تبين صور استمتاع الزوج بزوجاته في الجنة ماهي إلا مشاهد تبين صور استمتاع النساء بالرجال كذلك.
أليس حينما تطالعنا السنة بمشهد يرى فيه الرجل زوجته من أهل الجنة فلا يلفت عنها بصره إلا بعد سبعين سنة من فرط جمالها… أليس هذا استمتاعا لكليهما معا؟ أليس في هذا إشباع لحاجة المرأة التي تحب أن تكون آسرة الرجل وساحرته؟
ثم إن تلك المشاهد تصف المرأة في الجنة وصفا يحبه الرجل ويتغياه منها… فهن أَبْكَار عُرُب ، لكنه من جانب آخر وصف للمرأة نفسها بما تحب أن تكون… فهذه المشاهد على الحقيقة هي مدح وإطراء للنساء، وليس للرجال حظ في ذلك إلا الاستمتاع بهذا الجمال الذاتي فيهن.
وإذا وصفت المرأة من أهل الجنة بأن خلقها أعيد من جديد على نحو يأسر الرجل كما بينا، ووصفت بالإدلال والغنج، وهو ما توحيه كلمة ( عربا) ووصفت بالملاحة والظرافة والحسن والجمال، حتى وصف خمارها، ولباسها، وحليها، وزينتها، وعذوبة صوتها، وحسن ثغرها، وجمال تبسمها، وصفاء جلدها ، ونضارة جسمها.
إذا وصفت المرأة من أهل الجنة بهذا…. فكيف يمكن أن يوصف الرجال؟ وكيف يحببهن الله تعالى فيهم، وبأي شيء يغريهن منهم؟
ألم يقل الرسول ﷺ في وصف ساكني الجنة رجالا ونساء: ( أول زمرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون فيها ولا يمتخطون فيها ولا يتغوطون فيها، آنيتهم وأمشاطهم الذهب والفضة ومجامرهم الألوة ورشحهم المسك) رواه الشيخان من حديث أبي هريرة .
ألم يأت في مشهد يصور الرجل مع زوجته في مخدعهما من الجنة …. جاء فيه : (فبينما هو عندها لا يملها و لا تمله ما يأتيها مرة إلا وجدها عذراء ما يفتر ذكره، و لا يشتكي قبلها فبينما هو كذلك إذ نودي: إنا قد عرفنا أنك لا تمل و لا تمل إلا أنه لا مني و لا منية – أي لا مني ولا موت- ألا إن لك أزواجاً غيرها . فيخرج ، فيأتيهن واحدة واحدة ، كلما جاء واحدة قالت : والله ما في الجنة شيء أحسن منك ، و ما في الجنة شي أحب إلي منك) رواه البيهقي وابن أبي يعلى، وحكم الشيخ الألباني عليه بالنكارة.
وهنا يجف المداد، وتعجز الكلمات…. فماذا عسى أن يوصف الرجل بأكثر من هذا…. ولكنها إلماحات ، وإشارات تسبح السابحات فيما تلقيه هذه الكلمات من ظلال، وما توحي به من مشاهد، يحدوهن في هذه السباحة العقلية قوله تعالى: (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ) وقوله سبحانه: (لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) إنها سباحة عقلية تفوق خيال الشعراء، ومبالغات الأدباء، وأساطير الأفاكين….. إلا أنها الحقيقة.