دعا الإسلام أبناءه إلى الزواج ،وحث على الزواج مبكرًا لمن قدر عليه ،فقال :”يامعشر الشباب ،من استطاع منكم الباءة فليتزوج،فإنه أغض للبصر،وأحصن للفرج،ومن لم يستطع فعليه بالصوم ،فإنه له وجاء” أي وقاية من الوقوع في المحرمات، فلايجوز للمسلم أن يرغب عن سنة النبي ، والزواج من سنن الأنبياء، قال تعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً )  {الرعد 38}

قال القرطبي رحمه الله: أي جعلناهم بشراً يقضون ما أحل الله من شهوات الدنيا، وإنما التخصيص في الوحي.

هل الزواج من سنن الأنبياء

قال القرطبي: وهذه سنة المرسلين كما نص عليه القرآن الكريم، والسنة النبوية، قال :  “تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم”..الحديث. وقد تقدم في ( آل عمران ) وقال: من تزوج فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في النصف الثاني. ومعنى ذلك أن النكاح يعف عن الزنى، والعفاف أحد الخصلتين اللتين ضمن رسول الله عليهما الجنة فقال: “من وقاه الله شر اثنتين ولج الجنة، ما بين لحييه وما بين رجليه”. خرجه الموطأ وغيره.

وفي صحيح البخاري عن أنس قال:  “جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزوج النبي يسألون عن عبادة النبي ، فلما أخبروا كأنهم تقالوها! فقالوا: وأين نحن من النبي ! قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فقال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبداً، وقال الآخر: إني أصوم الدهر فلا أفطر. وقال الآخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج، فجاء رسول الله إليهم فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟! أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني”. خرجه مسلم انتهى كلامه

ما هي الأحكام الخمسة التي تعتري الزواج

يختلف حكم الزواج من شخص لآخر قال الشيخ سيد سابق صاحب كتاب فقه السنة –رحمه الله تعالى-:

1- الزواج الواجب:
يجب الزواج على من قدر عليه وتاقت نفسه إليه ولم يخش العنت.
لأن صيانة النفس وإعفافها عن الحرام واجب، ولا يتم ذلك إلا بالزواج.
قال القرطبي: المستطيع الذي يخاف الضرر على نفسه ودينه من العزوبة لا يرتفع عنه ذلك إلا بالتزوج، لا يختلف في وجوب التزويج عليه. فإن تاقت نفسه إليه وعجز عن الإنفاق على الزوجة فإنه يسعه قول الله تعالى: “وليستعفف الذين لا يجدون نكاحًا حتى يغنيهم الله من فضله” .
وليكثر من الصيام، لما رواه الجماعة عن ابن مسعود رضي الله عنه. أن رسول الله قال: “يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء”.

2 -الزواج المستحب:
أما من كان تائقًا له وقادرًا عليه، ولكنه يأمن على نفسه من اقتراف ما حرم الله عليه فإن الزواج يستحب له، ويكون أولى من التخلي للعبادة، فإن الرهبانية ليست من الإسلام في شيء.
روي الطبراني عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله قال: “إن الله أبدلنا بالرهبانية الحنفية السمحة”.
وروي البيهقي من حديث أبي أمامة أن النبي قال: “تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم، ولا تكونوا كرهبانية النصارى”.
وقال عمر لأبي الزوائد: إنما يمنعك من التزوج عجز أو فجور.
وقال ابن عباس: لا يتم نسك الناسك حتى يتزوج.

3 -الزواج الحرام:
ويحرم في حق من يخل بالزوجة في الوطء والإنفاق مع عدم قدرته عليه وعدم توقانه إليه.
قال القرطبي: فمتى علم الزوج أنه يعجز عن نفقة زوجته، أو صداقها أو شيء من حقوقها الواجبة عليه، فلا يحل له أن يتزوجها حتى يبين لها، أو يعلم من نفسه القدرة على أداء حقوقها.
وكذلك لو كانت به علة تمنعه من الاستمتاع، كان عليه أن يبين كيلا يخدع المرأة.
وكذلك يجب على المرأة إذا علمت من نفسها العجز عن قيامها بحقوق الزوج، أو كان بها علة تمنع الاستمتاع، من جنون، أو جذام، أو برص أو داء في الفرج، لم يجز لها أن تخدعه، وعليها أن تبين له ما بها في ذلك.
كما يجب على بائع السلعة أن يبين ما بسلعته من العيوب: ومتى وجد أحد الزوجين بصاحبه عيبًا فله الرد. فإن كان العيب بالمرأة ردها الزوج وأخذ ما كان أعطاها من الصداق.
وقد روي أن النبي تزوج امرأة من بين بياضة فوجد بها برصًا فردها وقال: دلست علي”.
واختلفت الرواية عن مالك في امرأة التي بها عنة (وهي العجز عن الجماع) إذا أسلمت نفسها ،ثم فرق بينهما بالعُنة فقال مرة: لها جميع الصداق وقال مرة: لها نصف الصداق.
وهذا ينبني على اختلاف قوله بم يستحق الصداق ؟ بالتسليم أو بالدخول ؟ قولان.

4 -الزواج المكروه:
ويكره في حق من يخل بالزوجة في الوطء والإنفاق، حيث لا يقع ضرر بالمرأة بأن كانت غنية وليس لها رغبة قوية في الوطء. فإن انقطع بذلك عن شيء من الطاعات أو الاشتغال بالعلم اشتدت الكراهة.

5 -الزواج المباح:
ويباح فيما إذا انتفت الدواعي والموانع:
وقد جاء النهي عن التبتل للقادر على الزواج ،فعن ابن عباس: أن رجلاً شكا إلى رسول الله العزوبة فقال: ألا اختصي ؟ فقال: “ليس لنا من خصي أو اختصي” رواه الطبراني.
وقال سعد بن أبي وقاص: رد رسول الله على عثمان بن مظعون التبتل. ولو أذن له لاختصينا. رواه البخاري.
أي لو أذن بالتبتل لبالغنا حتى يفضي بنا الأمر إلى الاختصاء.
قال الطبري: التبتل الذي أراده عثمان بن مظعون تحريم النساء والطيب وكل ما يتلذذ به فلهذا أنزل في حقه: “يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين”.انتهى