شرع الله التعدد لعلمه أن الناس في بعض مجتمعاتهم لا يصلح لهم إلا ذلك، يقول الشيخ يوسف القرضاوي:
وانطلاقًا من النظرة الواقعية للحياة والإنسان، كانت إباحة تَعدُّد الزوجات كما شَرَعَه الإسلام.
فما دام في الزوجات مَنْ يَعتريها المَرَض ويَطول، ومَنْ تمتد بها الدورة الشهرية إلى ثلُث الشهر أو أكثر، ومَنْ تَرْغب عن الرجل، ولا تُقبِل عليه إلا بصعوبة، وما دام الرجال لا يستطيعون التحكم في غرائزهم، فلماذا لا نُتيح لهم طريق الزواج الحلال في العلانية والنور، بَدَل البحث عن الحرام في الخَفاء والظلام؟!
وإذا كان من النساء من ابتُليتْ بالعُقم، وفي الرجال من يكون قوي الرغبة في الإنجاب، فلماذا لا نُتيح له تحقيق رغبته في الوَلَد بالزواج من امرأة أخرى وَلُود، بدلَ كَسْرِ قَلْب الأولى بالطلاق، أو تَحطيم رغبة الرجل بتحريم الزواج الثاني عليه.
وإذا كان عدد الصالحات للزواج من النساء أكثر من عدد القادرين عليه من الرجال، بصفة عامة، وبَعد حرب بصفة خاصة، فليس أمام العدد الزائد إلا واحد من ثلاثة احتمالات:
(1) أن تقضي الفتاة عمرها في بيت أهلها عانسًا، مَحرومة من حقها في إشباع عاطفة الزوجية وعاطفة الأمومة، وهي عواطف فِطرية غَرَسَها الله في كِيانها، لا تَملِك لها دفعًا.
(2) أو البحث عن مُتَنَفَّسٍ غيرِ مَشروع من وراء ظَهْر الأسرة والمجتمع والأخلاق.
(3) أو الزواج من رجل متزوج، قادر على إحصانها، واثق من العدل بينهما وبين ضَرَّتِها.
أما الاحتمال الأول، ففيه ظلم كبير لعدد من النساء، بغير جُرْم اقترفنَه؛ فإنهن لَمْ يَجِئْنَ إلى الحياة برضاهُن.
والاحتمال الثاني جُرم في حق المرأة، وفي حق المجتمع، وفي حق الأخلاق، وهو ـ للأسف ـ ما سار عليه الغرب، فقد حَرَّم تَعدُّد الزوجات وأباح تعدد الصديقات والعشيقات، أي أن الواقع فَرَض عليهم التَّعدُّد، ولكنه تَعدُّد لا أخلاقي ولا إنساني؛ لأن الرجل يَقضي من ورائه وطَرَهُ وشهوتَه، دون أن يَلتزِم بأي واجب، أو يتحمَّل أيَّةَ تَبِعَة، تأتي نتيجة لهذا التعدُّد.
أما الاحتمال الثالث، فهو وحده الحَلُّ العادل، والنظيف، والإنساني والأخلاقي، وهو الذي جاء به الإسلام.