الأخذ بالأخف لغة: الأخذ خلاف العطاء ، وهو أيضًا التناول ، أخذت الشيء آخُذُه أخذًا: تناولته ،والأخف خلاف الأثقل.
واصطلاحا: يقصد به الأخذ بأخف الأقوال حتى يدل الدليل على الأخذ بالأثقل.
ويعتبر الأخذ بالأخف تعبيرا واصطلاحا قريبا من قولهم الأخذ بأقل ما قيل ، وإن لم يكن هو عينه فإن بينهما خلافا؛ وذلك لأن الأخذ بأقل ما قيل يشترط فيه أن يكون المختلفون فى المسألة متفقين على الأقل حتى يقال به ، وهذا لا يشترط فيه هذا .
والقول بالأخذ بأخف القولين من جملة طرق الاستدلال ، و ذهب البعض إلى أنه واجب على المكلف أن ياًخذ بالأخف ، كما عبروا هناك بقولهم: يجب الأخذ بأقل ما قيل ؛ لقوله تعالى {يريد الله بكم اليسر}[البقرة:85 ] ، وقوله تعالى {وما جعل عليكم فى الدين من حرج}[الحج 78] , واعلم أن الأخذ بالأخف قد يكون بين المذاهب ، وقد يكون بين الاحتمالات المتعارضة أماراتها، وقد يكون بين أقوال الرواة.
والأخذ بالأخف ليس متفقًا على القول به ، فقد ذهب البعض إلى القول بوجوب الأخذ بالأشق ، وهذا الدليل يرجع حاصله إلى أن الأصل في الملاذ الإذن ، وفي المضار المنع ، والأخف فيهما هو ذلك .
وكما استدل من قال بوجوب الأخذ بالأخف بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الدالة على اليسر والتخفيف ، وأن هذه الشريعة مبنية على رفع الحرج عن العباد ، فقد استدل من قال بوجوب الأخذ بالأشق والأثقل من القولين ، بأنه أكثر ثوابا ، فكان المصير إليه واجبا لقوله تعالى: {فاستبقوا الخيرات}البقرة:148.
وهناك فريق ثالت لم يوجب الأخذ بشيء منهما ، وحجته مبنية على أنهما قولان متعارضان فيسقطان ، وأنه لا معنى لهذا الخلاف في مثل هذا؛ لأن الدين كله يسر ، والشريعة جميعها سمحة سهلة ، والذي يجب الأخذ به ويتعين العمل عليه هو ما صح دليله ، فإن تعارضت الأدلة لم يصلح أن يكون الأخف مما دلت عليه أو الأشق مرجحا ، بل يجب المصير إلى المرجحات المعتبرة عند الأصوليين وعلماء الخلاف .