اختلف القفهاء في حكم إعطاء الزوجة زكاة مالها إلى زوجها إذا كان من أهل الزكاة والراجح من أقوال أهل العلم جواز ذلك.
وعلى هذا فيجوز للزوجة أن تعطي زكاة مالها إلى زوجها الغارم ولكن بشروط.
فليس كل مدين يعطى من الزكاة ولكن لا بد من توافر شروط معينة يوضحها فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي فيقول:
أولها: أن يكون في حاجة إلى ما يقضى به الدين، فلو كان غنيًا قادرًا على سداده بنقود أو عروض عنده لم يعط من الزكاة (وفي قول للشافعي: أنه يعطى مع الغنى، لأنه غارم. فأشبه الغارم لذات البين. وانظر: المجموع: 207/6. ونهاية المحتاج: 155/6). ولو وجد ما يقضي به بعض الدين أعطي بقدر ما يقضي به الباقي فقط. ولو لم يملك شيئًا وقدر على قضائه بالعمل والكسب أعطي أيضًا، لأنه لا يمكنه قضاؤه إلا بعد زمن وقد يعرض ما يمنعه من قضائه، وهذا بخلاف الفقير فإنه يحصل على حاجته بالكسب في الحال.
واشتراط حاجة المستدين إلى ما يقضي به الدين، ليس معناها أن يكون صفر اليدين لا يملك شيئًا.
فقد صرح العلماء بأنه لا يعتبر المسكن والملبس والفراش والآنية، وكذا الخادم والمركوب -إن اقتضاهما حاله- بل يقضي دينه وإن ملكها.
ولو كان للمستدين مال لو قضى منه دينه لنقص ماله عن كفايته، ترك له ما يكفيه، وأعطي ما يقضي به الباقي. والمراد بالكفاية عند الشافعية: الكفاية السابقة، وهي كفاية العمر الغالب فيما يظهر، ثم إن فضل معه شيء صرفه في دينه وتمم له باقيه.
الشرط الثاني: أن يكون قد استدان في طاعة أو أمر مباح. أما لو استدان في معصية كخمر وزنًا وقمار ومجون، وغير ذلك من ألوان المحرمات فلا يعطى، ومثل ذلك إذا أسرف في الإنفاق على نفسه وأهله ولو في الملاذ المباحة، فإن الإسراف في المباحات إلى حد الاستدانة حرام على المسلم. قال تعالى: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا، إنه لا يحب المسرفين) (الأعراف: 31).
وإنما لم يعط الغارم في المعصية، لأن في إعطائه إعانة له على معصية الله، وإغراء لغيره بمتابعته في عصيانه. وهو متمكن من الأخذ بالتوبة. فإذا تاب أعطي من الزكاة، لأن التوبة تجب ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
واشترط بعض الفقهاء: أن تمضي عليه مدة بعد إعلان توبته يظهر فيها صلاح حاله واستقامة أمره.
وقال آخرون: يكفي أن يغلب على الظن صدقه في توبته، فيعطى وإن قصرت المدة.
الشرط الثالث: أن يكون الدين حالاً. فإن كان مؤجلاً فقد اختلف فيه: قيل: يعطى، لأنه يسمى غارمًا. فيدخل في عموم النص. وقيل: لا يعطى، لأنه غير محتاج إليه الآن.
وقيل: إن كان الأجل يحل تلك السنة أعطي، وإلا فلا يعطى من صدقات تلك السنة (انظر في هذه الشروط: المجموع: 207/6 – 209، ونهاية المحتاج: 154/6، 155، وشرح الخرشي على خليل: 218/2).
والمختار عندي: ألا يعمل بأحد هذه الأقوال حتى ينظر في حصيلة الزكاة، وعدد المستحقين لها من سائر الأصناف، ومقادير حاجاتهم. فإن كانت الحصيلة كبيرة، وكان عدد أصناف المستحقين قليلاً، أخذ بالقول الأول، وأعطي من الزكاة من كان دينه حالاً أو مؤجلاً. وإن كان الأمر بالعكس عمل بالقول الثاني، وأوثرت الأصناف الأخرى على من كان دينه مؤجلاً. وإن كان الأمر وسطًا أخذ بالقول الثالث.
وإن كان الفرد هو الذي يعطى الزكاة ويفرقها بنفسه، فينبغي أن يؤثر الأحوج فالأحوج.
الشرط الرابع: أن يكون شأن الدين مما يحبس فيه، فيدخل فيه دين الولد على والده، والدين على المعسر. ويخرج دين الكفارات والزكاة، لأن الدين الذي يحبس فيه ما كان لآدمي، وأما الكفارات والزكوات فهي لله (انظر حاشية الصاوي: 233/1).
هذا ما ذكره المالكية. ولم يشترط كل الفقهاء هذا الشرط. والحنفية يعتبرون الزكاة من الديون التي لها مطالب من جهة العباد، وهو الإمام.