هذا يحتاج لمجلدات طويلة ولكن دع الدكتور يوسف القرضاوي يضع أسساً عامة في دعوة غير المسلمين للإسلام:ـ

وصايا مهمة للدعاة في سبيل الله لغير المسلمين :ـ

ونوصي هنا بعدة أمور :

1ـ أن ندرس الإنسان المدعو ، ونعرف اهتماماته وحاجاته المادية والروحية، ونعرف المدخل النافذ إلى عقله وقلبه، لندخل منه، ونؤثر فيه، وقد قال تعالى :” وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم”إبراهيم: 4
ومخاطبة القوم بلسانهم المبين لهم تعني : أن تدخل إليهم من حيث يهتمون، ومن حيث يفهمون، ومن حيث يتأثرون .

2- أن نهتم بالأصول قبل الفروع، وبالكليات فبل الجزئيات، وأصل الأصول هو : التوحيد والإيمان بالله، والإيمان بالجزاء العادل في الآخرة، والعمل الصالح، الذي يرضى الله تبارك وتعالى ، ومنه، العمل لعمارة الأرض، وتنمية الحياة.

3ـ ألا نكثر التكاليف على الداخل في الإسلام، وانما نركز على الفرائض الأساسية دون النوافل، وعلى كبائر المحرمات قبل صغائرها، وأن نتبنى التيسير لا التعسير، والتبشير لا التنفير، وفي الحديث الصحيح”وإنما بعثتم مبشرين ولم تبعثوا معسرين “(رواه البخاري والترمذى والنسائي عن أبي هريرة )
“يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا” (متفق عليه عن أنس .).

4ـ أن نأخذ الناس بمنهج التدرج الحكيم، الذي اتخذه الإسلام في أول أمره، فقد بدأ بالعقائد، ثم بعد ذلك بالأحكام، وتدرج في تشريع الأحكام، سواء في فرض الفرائض أم في تحريم المحرمات، كما في تحريم الخمر على مراحل معلومة في تاريخ التشريع.
ولو جاء الإسلام من أول يوم،وقال لهم: لا تشربوا الخمر، لشربوها وأبوا الدخول في الإسلام، فقد كانوا مولعين بها كولع غير المسلمين الآن أو أشد.

ولهذا ليس من الحكمة أن نثير مع غير المسلم قضية تحريم الخمر من أول الأمر، ونجعل الامتناع منها شرطًا للدخول في الإسلام. بل نقبل منهم الإسلام، ونتعهد إيمانهم بالرعاية حتى يقوى ويصلب عوده، ونهيئ له بيئة إسلامية يعيش فيها، تعينه على الالتزام، وترغبه في طاعة الله، وتزهده في معصيته، إلى أن يصل إلى مرحلة يترك فيها الخمر بإرادته واختياره. ولو افترضنا أنه ضعف عن تركها، وغلبه الإدمان، فأمره إلى الله تعالى، وحسبه أن يموت مؤمنًا.

إن بعض الدعاة إلى الإسلام يعرضون على المسلم الجديد تفاصيل مذهلة، بل مرعبة، بحيث يخيل إليه أن هذا الدين ليس إلا مجموعة من القيود، تثقل حركته، وتعوق سيره، وتحرمه الاستمتاع بطيبات الحياة.
إن مزيّة الإسلام أنه دين التوازن بين الدنيا والآخرة، بين الروحية والمادية، بين المثالية والواقعية، بين الربانية الإنسانية، بين الفردية والجماعية.

فلم يحرم الإسلام على الناس الطيبات ولا زينة الله التى أخرج لعباده، وقدر أن عمارة الأرض عبادة، وأن طلب العلم فريضة، وأن الله جميل يحب الجمال، وأن خير الناس أنفعهم للناس، وأن الله كتب الإحسان على كل شئ، وأنه يحب من عبده إذا عمل أن يحسن، وأن يد الله مع الجماعة، و أن التعاون على البر والتقوى واجب، وأن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وأن الناس كلهم سواسية كأسنان المشط، لا فضل لأبيض على أسود إلا بالتقوى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) الحجرات:13

ورأيي أننا سننجح في دعوة غير المسلمين إلى الإسلام، يوم ينشأ دعاة إليه من أهل البلاد أنفسهم. فهم أولى الناس بمخاطبة قومهم. وقبل هذا يجب أن نهيئ دعاة يعيشون بين أهليهم ويتقنون لغتهم، ويتزوجون منهم، (ممن دخل في الإسلام منهن) .
والأمل واسع جدا في دخول غير المسلمين في الإسلام، وليس ذلك على الله ببعيد، ولكن الأمور لا تدرك بالتمني، بل بالعمل والدأب والصبر، القائم على العلم والتخطيط والتنظيم . يقوم بذلك رجال فقهوا دينهم، وعرفوا عصرهم، ودرسوا بيئتهم، ونذروا أنفسهم لله تعالى ولتبليغ دعوته، من (الذين يبلغون رسالات الله، ويخشونه، ولا يخشون أحدا إلا الله، وكفى بالله حسيبًا) الاحزاب: 39