اهتمام الرجل بشؤون زوجته وأولاده واجب شرعي لقوله عليه الصلاة والسلام: “كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته” (متفق عليه).
والانشغال بأعمال الدعوة واجب شرعي أيضاً لقوله تعالى: { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران:104].

ولا يصحّ للإنسان المسلم أن يشغل وقته كلّه بواجب شرعي وينسى واجباته الشرعية الأخرى، بل يجب عليه أن يقوم بواجباته الشرعية كلّها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وأن يجعلها متكاملة في حياته، بدل اعتبارها متضاربة أو متناقضة.
فعلى الرجل المسلم أن يعطي زوجته حقّها، وأن يعطي أولاده حقّهم، وأن يعطي ربّه حقّه، وأن يعطي جسده حقّه، وأن يعطي أمّته حقّها، وأن يعطي دعوته حقّها أيضاً، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أعط كلّ ذي حقّ حقّه”.[1]

[1] يقصد ما أخرجه البخاري في صحيحه عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ آخَى النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – بَيْنَ سَلْمَانَ ، وَأَبِى الدَّرْدَاءِ ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً . فَقَالَ لَهَا مَا شَأْنُكِ قَالَتْ أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِى الدُّنْيَا . فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ ، فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا . فَقَالَ كُلْ . قَالَ فَإِنِّى صَائِمٌ . قَالَ مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ . قَالَ فَأَكَلَ . فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ . قَالَ نَمْ . فَنَامَ ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ . فَقَالَ نَمْ . فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمَانُ قُمِ الآنَ . فَصَلَّيَا ، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، فَأَعْطِ كُلَّ ذِى حَقٍّ حَقَّهُ . فَأَتَى النَّبِىَّ – صلى الله عليه وسلم – فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – « صَدَقَ سَلْمَانُ ».