روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ ﷺ ـ قال: ” لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مِثقال ذرة من كِبْر”، فقال رجل: إن الرجل يُحب أن يكون ثوبُه حسنًا ونعله حسنة، فقال: “إن الله جميل يُحب الجمال، الكبْر بَطَرُ الحقِّ، وغَمْطُ الناس”، ورواه الترمذي وقال: حسن غريب.
معنى قوله: “إن الله جميل” أن كل أمره سبحانه حسن وجميل، فله الأسماء الحسنى وصفات الجمال والكمال، قال أبو القاسم القشيري: معناه جليلٌ، وقيل معناه: جميلُ الأفعال بِكُمْ والنظر إليكم، يُكلِّفكم اليسير ويُعين عليه ويُثِيب عليه الجزيل، يقول النووي: هذا الاسم ورد في الحديث الصحيح، وورد في الأسماء الحسنى وفي إسناده مقال، والمختار جواز إطلاقه على الله تعالى، ومِن العلماء مَن منعه، وقال إمام الحرمين أبو المعالي: ما وَرَدَ بِهِ الشرع جوَّزنا إطلاقه، وما لم يَرِدْ فيه إذن ولا منْع لم نقضِ فيه بتجويز ولا منع، فإن الأحكام الشرعية تُتلقَّى من موارد الشرع، ولو قضينا بتحريم أو تحليل لكنا مُثبتين حُكمًا بغير الشرع.
ثم لا يُشترط في جواز الإطلاق ورودُ ما نقْطع به في الشرع، ولكنْ ما يَقتضي العمل وإن لم يُوجِبِ العمل فإنَّه كافٍ، إلا أنَّ الأقيسة الشرعية من مُقتضيات العمل، ولا يَجوز التمسُّك بها في تسمية الله تعالى وصفته، قال النووي: وقد اختلف أهل السنة في تسميته تعالى ووصفه من أوصاف الكمال والجلال والمدح بما لم يرد به الشرع ولا منعه، فأجازه طائفة ومنعه آخرون إلا أن يَرِدَ به شرْع مقْطوع به من نصِّ كتابٍ أو سنة متواترة أو إجماع على إطلاقه، فإنْ ورد خبر واحد فقد اختلفوا فيه، فأجازه طائفة، وقالوا: الدعاء به والثناء من باب العمل، وذلك جائز بخبر الواحد، ومنعه آخرون لكونه راجعًا إلى اعتقاد ما يجوز أن يستحيل على الله تعالى، وطريق هذا القطع، قال القاضي: والصواب جوازه، لاشتماله على العمل ولقوله تعالى: ( وَللهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)، وهو كما قال.
هذا ما ورد عن كمال الدين الدُّميري المتوفَّى سنة 808 هـ في كتابه: “حياة الحيوان الكبرى” ج1 ص 457 عند كلامه عن الذر. وخُلاصته أن إطلاق اسم “الجميل” على الله فيه خلاف، وفي اختلاف الآراء سعة.