إذا زنت المرأة المتزوجة فقد ارتكبت إثما عظيما بخيانتها لزوجها وتمكين أجنبي منها، ولعظم جريمتها كانت العقوبة في الشرع عليها أقسى، فعقوبة من زنا وهو محصن هي الرجم، ومن يزني يفارقه إيمانه حال الزنا، قال النبي ﷺ : ( إذا زنى الرجل خرج منه الإيمان كان عليه كالظلة فإذا انقطع رجع إليه الإيمان ) رواه أبو داود (4690) والترمذي (2625) وصححه الألباني في صحيح أبي داود . والحديث إن ذكر الرجل فإن المرأة تشاركه في هذا الحكم.
وقيام المرأة المتزوجة بهذا الفعل من أشنع مراتب الزنا، قال ابن حجر الهيتمي في ” الزواجر عن اقتراف الكبائر “: ( وعُلم من ذلك أيضا أن الزنا له مراتب : فهو بأجنبية لا زوج لها عظيم ، وأعظم منه بأجنبية لها زوج ، وأعظم منه بمحرم ، وزنا الثيب أقبح من البكر بدليل اختلاف حديهما ، وزنا الشيخ لكمال عقله أقبح من زنا الشاب ، وزنا الحر والعالم لكمالهما أقبح من القن ( العبد ) والجاهل ) أهـ.
ولا نقنط من وقع في هذه الجريمة من عفو الله، ولكن على من فعل ذلك أن يخلص التوبة إلى الله تعالى عسى أن يتقبل الله منه توبته ويغفر له ذنبه، قال سبحانه : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) طه/82 .
وقال سبحانه وتعالى : ( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) التوبة/104.
وقال سبحانه : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/68- 70.
أما عن حملها ووليدها الذي تجهل هو ابن من لأن الزنا إذا كان بعد جماع الزوج لها في طهرها ثم حدث الزنا فأدخلت ماء الزاني على ماء الزوج فلم تعلم ممن تخلق الولد، فنقول لها: إن الإسلام يتشوف ويرغب في إثبات الأنساب، وهناك قاعدة شرعية في هذا الأمر، وهي أنّ الولد للفراش ويتبع الزّوج إلا إذا تبرّأ منه لحديث النبي ﷺ ( الولد للفرش وللعاهر الحجر) متفق عليه.
وتفسير ذلك: أن المرأة إذا كانت متزوجة، وأتت بولد بعد ستة أشهر من زواجها ، فإنه ينسب إلى الزوج ، ولا ينتفي عنه إلا بملاعنته لزوجته.
قال ابن قدامة : ( وأجمعوا على أنه إذا ولد على فراش رجل , فادعاه آخر . أنه لا يلحقه , وإنما الخلاف فيما إذا ولد على غير فراش ).