معنى “الحنان” في اللغة:
الحنان : الرحمة .
يقال منه : حنّ عليه يحن حنانا .
ومنه قوله تعالى : ( وَحَنَانًا مِّن لَّدُنًا ) [ مرىم :13] .
والحنان بالتشديد : ذو الرحمة ، والذي يحن إلى الشيء .
وتحنّن عليه : ترحّم .
والعرب تقول : حنانك يا رب ، وحنانيك يا رب ، بمعنى واحد ، أي : رحمتك ، وحنانا بعد حنان .
وقال ابن سيده في معناه : كلما كنت في رحمته منك وخير فلا ينقطعنّ ، وليكن موصولا بآخر من رحمتك .
وقال طرفة :
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا حنانيك بعض الشر أهون من بعض
والحنين : الشوق وتوقان النفس .
تقول منه : حنّ إليه يحنّ حنينا فهو حانّ .
وحنين النّاقة : صوتها في نزاعها إلى ولدها .
والحنون : ريح لها حنين كحنين الإبل .
وما له حانه ولا آنّة : أي ناقة ولا شاة .
وحنّة الرجل : امرأته ، لتحننه عليها .
وطريق حنان : بيّن واضح منبسط .
اسم الله “الحنان” في السنة النبوية:
ورد في حديث أنس رضي الله عنه قال : كنت جالسا مع النبي ﷺ في المسجد ورجل يصلي فقال : اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت الحنان المنان ، بديع السموات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا حي يا قيوم ، فقال الني ﷺ : ” دعا الله باسمه الأعظم ، الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى ” .
معنى “الحنان” في حق الله تبارك وتعالى:
جاء عن ابن عباس أنه قال : لا والله ما أدري ما حنانا .
وذلك في قوله تعالى : (وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا ) [مريم: 13] .
وروى عنه أنه قال : ( وَحَنَانًا مِن لَدُنَّا ) يقول : ورحمة من عندنا . ونحوه عن قتادة .
قال الأزهري : هو بتشديد النون صحيح . قال : وكان بعض مشايخنا أنكر التشديد فيه ، لأنه ذهب به إلى الحنين ، فاستوحش أن يكون الحنين من صفات الله تعالى ، وإنما معنى ” الحنان ” : الرحيم ، من الحنان وهو الرحمة .
وقال الخطابي : ” الحنّان ” معناه : ذو الرحمة والعطف .
والحنان مخفف : الرحمة .
وقال الحليمي : ومنها ” الحنان ” : وهو الواسع الرحمة ، وقد يكون المبالغ في إكرام أهل طاعته ، إذا وافو دار القرار ، لأن من حنّ إلى غيره من الناس ، أكرمه عند لقائه ، وكلف به عند قدومه .
وقال ابن الأعرابي : ” الحنّان ” من صفات الله الرحيم .
وقال ابن الأثير : في أسماء الله تعالى ” الحنّان” وهو بتشديد النون : الرحيم بعباده ، فعّال ، من الرحمة للمبالغة .
من آثار الإيمان باسم الله “الحنان”:
1ــ أن الله تعالى هو الحيم بعباده ، ذو العطف والحنان ، يكرم المحسنين ، ويغفر ويصفح للمسيئين ، إن تابوا إليه فهو حبيبهم ، وإن أعرضوا عنه فهو طبيبهم ، يتحبب إليهم بالنّعم ، ويتبغضون إليه بالمعاصي ، خيره إليهم نازل ، وشرهم إليه صاعد ! وهذا والله هو الحال العجيب .
2ــ وإذا كان هذا حال الرب مع العبد ، فالأولى أن يكون العباد كذلك مع بعضهم البعض ، يرحم بعضهم بعضا ، فيتحنن الأخ على أخيه ويعطف عليه ، ويصفح عن زلته ، ويقيل عثرته ، ويكون كما وصف نبي الرحمة ﷺ المؤمنين بقوله : ” مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم ، مثل الجسد ، إذا اشتكي منه عضو ، تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمى ” .
قال القرطبي : فيجب على كل مسلم أن يتخلّق بهذين الاسمين : ( يعني : الحنان والمنان ) وسائر الأسماء … رقيق القلب ، لأن الحنان حقيقته في المخلوق رقة في النفس ، وميل مفرط في الجبلّة والطبع ، لشوق مزعج وتوق مفرط .
فرقّة القلب تحمل على التّعف والرحمة والرأفة والشفقة ، وعنها تكون الألفة والفرقة.
وقد ذمّ الله غلظ القلب فقال : (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ )[آل عمران:159] .
وقال عليه السلام : ” أتاكم أهل اليمن ، هم أضعف قلوبا ، وأرق أفئدة ” وفي راية : ” ألين قلوبا ” بدل ” أضعف ” .
مدحهم بذلك .
كما ذمّ الفدّدين فقال : ” القسوة وغلظ القلوب في الفدادين ” .
وجعل ﷺ رقّة القلب علامة الجنة ، فقال : ” أهل الجنة ثلاثة : ذو سلطان مقسط متصّدق موفّق ، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم ، وعفيف متعفّف ذو عيال ” .
ويجب عليه الشكر لنعم الله وآلائه في المزيد من فضله ، ( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ) [ إبراهيم : 7] .
من كتاب النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى للدكتور محمد بن حمد الحمود النجدي