المسلم الحق كما يتميز بعقائده وشعائره , ومفاهيمه ومشاعره , يتميز أيضا بأخلاقه وفضائله .

فالأخلاق والفضائل جزء أصيل من كيان هذا المجتمع , فهو مجتمع العدل والإحسان والبر والرحمة , والصدق والأمانة , والصبر والوفاء , والحياء والعفاف , والعزة والتواضع , والسخاء والشجاعة , والإباء والشرف , والبذل والتضحية , والمروءة والنجدة , والنظافة والتجمل , والقصد والاعتدال , والسماحة والحلم ء والنصيحة والتعاون , والغيرة على الحرمات , والاستعلاء على الشهوات , والغضب للحق , والرغبة في الخير , والإيثار للغير , والإحسان إلى الخلق كافة , وبخاصة بر الوالدين , وصلة الأرحام , وإكرام الجار, ودعوة الناس إلى الخير , والأمر بالمعروف , والنهى عن المنكر . . وكل خصال الخير , وخلال المكرمات , ومكارم الأخلاق.

وأول مميزات المسلم الحق: الإخلاص لله, والتوبة إليه , والتوكل عليه , والخشية منه والرجاء في رحمته , والتعظيم لشعائره , والحرص على مرضاته , والحذر من مساخطه , إلى غير ذلك من المعاني الربانية التي يغفلها كثير من الناس حين يتحدثون عن الأخلاق في الإسلام , فليست الأخلاق ما يتعلق بما بين الإنسان والإنسان فحسب , وإنما تشمل ما بين الإنسان وخالقه أيضا .

وهو في الجانب السلبي يحرم كل الرذائل , والأخلاق الرديئة , ويشتد في تحريم بعضها ء فيجعلها في مرتبة الكبائر . فيحرم الخمر والميسر , ويعدهما رجسا من عمل الشيطان , ويحرم الزنى وكل ما يقرب أو يعين عليه , ومثل ذلك الشذوذ الجنسي الذي هو علامة على انتكاس الفطرة وانهيار الرجولة , ويحرم الربا , وأكل أموال الناس بالباطل وخاصة إذا كانوا ضعفا ء كاليتامى , ويحرم عقوق الوالدين وقطيعة الأرحام , والإساءة إلى الجار , وإيذاء الآخرين , باليا أو اللسان , ويجعل من خصال النفاق : الكذب والخيانة والغدر وإخلاف الوعد والفجور في الخصومة .
-وكل رذيلة منكرها الفطر السليمة , والعقول الراشدة جاء الإسلام فأنكرها وألح في إنكارها.

-كما أن كل الأخلاق الفاضلة التي تعرفها الفطر والعقول ويسعد بسيادتها الأفراد والجماعات قد أقرها وأمر بها وحث عليها .

والذي يتلو كتاب الله تعالى , أو يقرا أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) , يرى أن هذه الأخلاق والفضائل من المقومات الذاتية للمجتمع المسلم , وليست من الأعراض الطارئة عليه , ولا من الأمور الهامشية في حياته , فهي في القرآن من الصفات الأساسية للمؤمنين والمتقين الذين لا يدخل الجنة غيرهم , ولا ينجو من النار غيرهم , ولا يسعد بالحياة الدنيا غيرهم .. وهي في السنة من شعب الإيمان , لا يتم الإيمان إلا بالتحلي بها , والتخلي عن أضدادها . ومن أعرض عنها فقد جانب أوصاف المؤمنين , وتعرض لسخط الله ولعنته , وبرئت منه ذمة الله وذمة رسوله .