حج بيت الله الحرام هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو واجب مرة واحدة في العمر على كل مسلم بالغ عاقل إذا استطاع إليه سبيلا، أي إذا كانت له القدرة المادية والصحية على أداء هذه الفريضة.
محظورات الإحرام للحج والعمرة:
هناك محظورات يجب على المسلم تجنبها ، وذلك عند الإِحرام للحج أو العمرة وهي كالتالي:
1.لبس المخيط لقول النبي ﷺ: « لا يَلبس المحرمُ القميصَ ولا العمامة ولا البُرنس، ولا السَّراويل، ولا ثوباً مسه ورس ولا زعفران، ولا الخفَّين إلّا ألّا يجد نعلين، فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين » رواه الشيخان. البرنس: كل ثوب رأسه منه. الورس والزعفران: نبات طيّب الرائحة.
أما المرأة فلها أن تلبس جميع ذلك، ولا يحرم عليها إلّا الثوب الذي مسّه الطيب، والنقاب أي ما يستر الوجه، والقفازان أي الكفوف في الأيدي، وقد ثبت نهي النبي ﷺ عن ذلك، فيما رواه أبو داود والبيهقي والحاكم.
ومن لم يجد الإِزار والرِّداء جاز له لبس السِّروال، ولا فدية عليه، ومن لم يجد النعلين جاز له أن يلبس الخُفَّ على أن يقطعه دون الكَعبين.
2. عقد النكاح سواء لنفسه أو لغيره، لقول النبي ﷺ: «لا يَنكح المحرم ولا يُنكِح ولا يخطب» رواه الخمسة إلّا البخاري، ويعتبر العقد باطلاً وهذا مذهب الجمهور.
3.الجماع وما يدعو إليه كالتقبيل واللمس بشهوة، لقوله تعالى: {… فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج…} [البقرة: 197]. والرفَث هو الجماع، ويحظر على المحرم أيضاً فعل المعاصي بأنواعها، وهذا هو الفسوق، كما يحظر عليه الجدال مع الآخرين بالباطل.
4.التطيب في الثوب أو البدن للرجال والنساء، لقول النبي ﷺ: «… ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسَّه زعفران أو ورس…» رواه الخمسة.
وإذا مات المحرم لا يوضع الطيب في غسله ولا في كفنه، فقد نهى النبي ﷺ عن ذلك، وقال؛ « اغسلوه بماءٍ وسِدرٍ وكَفِّنوه في ثوبيه، ولا تمسّوه بطيب ولا تخمِّروا رأسه، فإنه يُبعث يوم القيامة مُلبيا ً» رواه الشيخان والترمذي. لا تخمروا رأسه: أي لا تغطوه، والخمار: غطاء الرأس. ولا فرق بين أن يوضع الطيب على الثوب أو يكون الثوبُ مصبوغاً بالطيب.
5. التعرض لصيد البر والأكل منه إذا صيد من أجل المحرم أو بإشارته، أما إذا صاده غير محرم ثم أهداه أو باعه للمحرم جاز له أكله. أما صيد البحر وطعامه فهو جائز بلا حرج، لقوله تعالى: {أحلَّ لكم صَيدٍ البحر وطَعامه متاعاً لكم وللسيارة وحُرم عليكم صيدُ البر ما دمتم حُرماً…} [المائدة: 96]، ولقوله ﷺ: « صيد البر لكم حلال وأنتم حرم، ما لم تصيدوه أو يُصد لكم » رواه أحمد والترمذي.
6. تقليم الأظافر وإزالة الشعر بالحلق أو القَص، أو أي طريقة أخرى، لقوله تعالى: { ولا تَحلقوا رؤوسكم حتى يَبلغَ الهديُ مَحِلَّه [البقرة: 196.
عقوبة ارتكاب المحظورات في الإِحرام:
أما عن عقوبة هذه المحظورات فتكون كالتالي:
1. الجماع: إذا وقع الجماع قبل الوقوف بعرفة يفسد الحج إجماعاً، وعليه إتمام ما بقي من المناسك، وعليه أيضاً بَدَنة عند الجمهور، ثم القضاء، أي أن يعيد الحج في العام المقبل، وهذا القضاء واجب سواء كانت الحجة الفاسدة فرضاً أو تطوعاً. أما عند الأحناف فيجب عليه شاة ولا قضاء عليه، إلّا إذا كانت الحجة الفاسدة فرضاً.
وإذا وقع الجماع بعد الوقوف بعرفة، وقبل التحلل الأول، فالحكم نفسه عند الجمهور، أما عند الأحناف فلا يفسد حجه، وعليه بَدَنة.
أما إذا وقع الجماع بعد التحلل الأول فلا يفسد الحج، ولا قضاء عليه عند الجمهور، ويجب عليه الفدية بدنةً عند الشافعي وشاةً عند مالك.
2.قتل الصيد: قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تَقتُلوا الصَّيد وأنتم حُرُم ومن قَتله منكم متعمِّداً فجزاءٌ مثلُ ما قتلَ من النَّعم يحكمُ به ذوا عدلٍ منكم هدياً بالغَ الكعبة أو كفارةٌ طعام مساكين أو عَدْلُ ذلك صياماً، ليذوق وبال أمره… } [المائدة: 95.
والمِثل يكون بالصورة والشَّكل عند الشافعي، وبالقيمة عند أبي حنيفة، وإذا لم يستطع تقديم المِثل، يقدر ثمنه، ويطعم به مساكين، فإن لم يستطع، يصوم بمقدار يوم عن كل مسكين.
والآية المذكورة نصت على هذا الحكم بالنسبة لمن قتل الصيد متعمداً وهو محرم. ويثبت بالسنة الحكم نفسه على من قتل الصيد ناسياً أو جاهلاً وهو محرم، إلّا أنه لا يأثم، وعلى هذا جمهور الفقهاء كما قال ابن كثير.
3.سائر المحظورات: إن ارتكب المحرم أحد محظورات الإِحرام الأخرى كحلق الشعر أو لبس المَخيط، لزِمه ذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين ثلاثة آصُعٍ من تمر، كما في حديث كعب بن عُجرة الذي رواه الشيخان. أما إذا فعل المحظورات ناسياً أو جاهلاً، فلا شيء عليه كما روى البخاري.