روي عن النبي ﷺ ما يدل صراحة على النهي عن صيام النصف الثاني من شهر شعبان ، فذهب بعض العلماء إلى أنه حديث منكر مخالف لما صح من فعله وقوله ﷺ حيث ثبت أنه كان يصوم معظم شعبان أوكله ، كما نهى أن يتقدم رمضان بصيام يوم أو يومين ، وذهب علماء آخرون على أنه منسوخ ، وقال الطحاوي : أكثر العلماء لا يقولون به.
قال ابن رجب الحنبلي :-
روى الإمام أحمد و أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجه و ابن حبان في صحيحه و الحاكم ” من حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى رمضان ” ، و صححه الترمذي و غيره . و اختلف العلماء في صحة هذا الحديث كما اختلفوا في العمل به .
فأما تصحيحه فصححه غير واحد منهم الترمذي و ابن حبان و الحاكم و الطحاوي و ابن عبد البر . و تكلم فيه من هو أكبر من هؤلاء و أعلم ، و قالوا : هو حديث منكر منهم عبدالرحمن بن المهدي و الإمام أحمد و أبو زرعة الرازي و الأثرم .
و قال الإمام أحمد : لم يرو العلاء حديثاً أنكر منه . و رده بحديث : ” لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين ” ، فإن مفهومه جواز التقدم بأكثر من يومين .
و قال الأثرم الأحاديث كلها تخالفه يشير إلى أحاديث صيام النبي صلى الله عليه و سلم شعبان كله و وصله برمضان ، و نهيه عن التقدم على رمضان بيومين فصار الحديث حينئذ شاذاً مخالفاً للأحاديث الصحيحة .
و قال الطحاوي هو منسوخ و حكى الإجماع على ترك العمل به . و أكثر العلماء على أنه لا يعمل به . و قد أخذ به آخرون منهم الشافعي و أصحابه و نهو عن ابتداء التطوع بالصيام بعد نصف شعبان لمن ليس له عادة ووافقهم بعض المتأخرين من الحنابلة .
ثم ذكر ابن رجب اختلاف العلماء في سبب النهي فقال :-
ثم اختلفوا في علة النهي فمنهم من قال : خشية أن يزاد في شهر رمضان ما ليس منه و هذا بعيد جداً فيما بعد النصف ، و إنما يحتمل هذا في التقديم بيوم أو يومين .
و منهم من قال : النهي للتقوى على صيام رمضان شفقة أن يضعفه ذلك عن صيام رمضان . و روي ذلك عن وكيع .
و يرد هذا صيام النبي صلى الله عليه و سلم شعبان كله أو أكثره ووصله برمضان ، هذا كله بالصيام بعد نصف شعبان.
و أما صيام يوم النصف منه فغير منهي عنه فإنه من جملة أيام البيض المندوب إلى صيامها من كل شهر.